فروى السكوني بسند لا بأس به عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " قضى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيمن سرق الثمار في كمه (1): فما أكل منه فلا شيء عليه، وما حمل فيعزر ويغرم قيمته مرتين. " (2) والاستدلال به مبنى على كون تغريم القيمة مرتين بيانا للتعزير، فيكون العطف تفسيريا أو كونه متمما له. وظاهر قوله: قضى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الحكم كان حكما ولائيا منه (صلى الله عليه وآله وسلم)، لا حكما فقهيا. هذا.
ولكن من المحتمل أن يكون ذلك من جهة أن الثمر الموجود في الغلاف قابل للنمو و النضج بحيث تضاعف قيمته قهرا، ويشهد لذلك أن الظاهر من التغريم في الرواية هو التغريم لصاحب الثمر، ولو كان من باب التعزير كان الأنسب جعله في بيت المال. هذا.
ولكن الإفتاء بهذا المضمون مما لم ينقل من أحد ويشكل الالتزام به، إذ الملاك في تقويم التالف أو المتلف وتضمينه هو لحاظ فعليته لا إمكانه ومآله; فلو أتلف الزرع أو الأشجار الصغار أو الأسماك الصغار في حياضها أو سائر الحيوانات في حال صغرها فهل يلتزم أحد بتقويمها بلحاظ استعدادها والمآل المترقب منها في الأشهر أو السنوات الآتية؟ لا أظن ذلك، اللهم إلا أن يفرق بين القوة القريبة من الفعلية كما في المقام، وبين غيرها كما في الأمثلة المذكورة، فتدبر.
وقال العلامة المجلسي (قدس سره) في مرآة العقول في شرح هذه الرواية:
" ولم يعمل بظاهره أحد من الأصحاب فيما رأينا، قال الوالد العلامة (قدس سره): يمكن أن يكون المرتان لما أكل ولما حمل، لأن جواز الأكل مشروط بعدم الحمل. " (3) أقول: ما ذكره والده خلاف ظاهر الرواية، إذ الظاهر منها أنه لا شئ عليه لما أكل وإن اجتمع مع الحمل. هذا.