الأولى: السلطة التشريعية وفيها جهات من البحث:
1 - في بيان الحاجة إليها وحدودها وتكاليفها:
فنقول: قد اصطلح على هذه السلطة في عصرنا مجلس الشورى والقوة المقننة، وتعد من أهم الأركان في الحكومات الديموقراطية الدارجة.
والحاجة إليها مع فرض اتساع نطاق الملك وكثرة الحوادث الواقعة والحاجة إلى ترسيم المخططات الكثيرة في غاية الوضوح لا نحتاج فيها إلى بيان.
لكن لا يخفى عليك وجود التفاوت الأساسي بين السلطة التشريعية في الحكومة الإسلامية، وبين ما تعارف في الحكومات الدارجة العصرية: إذ النواب في الحكومات الدارجة لا يلتزمون بشيء إلا بما يرونه مصلحة لناخبيهم فقط، ويبدعون القوانين على حسب أهوائهم وإن باينت العقل والشرع.
وأما في الحكومة الإسلامية فالأساس هو ضوابط الإسلام وأحكام الله - تعالى - النازلة على رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في شتى المسائل المرتبطة بالحياة بشؤونها المختلفة.
ولا يحق لأحد وان بلغ ما بلغ من العلم والثقافة والقدرة أن يشرع حكما أو يبدع قانونا بارتجال. حتى إن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بعلو شأنه وقربه من الله - تعالى - أيضا يكون تابعا لما أنزله الله - تعالى - حاكما على أساسه.
قال الله - تعالى -: " إن الحكم إلا لله. " وقال: " ألا له الحكم. " (1)