ما يستدل به على اعتبار الاجتهاد في القاضي:
أقول: قد يستدل على اعتبار الاجتهاد في القاضي - مضافا إلى الأصل الحاكم بعدم صحة القضاء ونفوذه إلا فيما ثبت بالدليل، وإلى الاجماع المدعى في الخلاف والغنية و المسالك وغيرها وإن أمكن المناقشة في تحققه بنحو يفيد - بمقبولة عمر بن حنظلة، و خبري أبي خديجة، وتوقيع صاحب الأمر - عجل الله تعالى فرجه -:
أما المقبولة فهي ما رواه الكليني بسند لا بأس به، عن عمر بن حنظلة، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت. وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقا ثابتا له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به، قال الله - تعالى -: " يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به. " (1) قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران (إلى) من كان منكم ممن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد، والراد علينا الراد على الله، وهو على حد الشرك بالله.
قلت: فإن كان كل رجل اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما واختلفا فيما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ قال: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر... " (2)