أقول: وابن الأخوة محمد بن محمد بن أحمد القرشي - المتوفى 729 ه - قد ألف كتابا جامعا في الحسبة سماه " معالم القربة في أحكام الحسبة " وعقد فيه أبوابا وفصولا كثيرة عدد أبوابه سبعون بابا، فصل فيها وظائف المحتسب في المجالات المختلفة. فلنذكر بعض ما ذكره إجمالا تلخيصا من كتابه، لاشتماله على ما يعم نفعه ويكثر الابتلاء به، وان كان للبحث والإشكال في بعض ما ذكره مجال واسع كما لا يخفى على أهله. وأوصي الفضلاء بمطالعة هذا الكتاب، فإنه كتاب وزين في موضوعه. (1) 1 - قال في الباب الثاني منه ما ملخصه:
" أما بعد فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله به النبيين أجمعين. ولو طوى بساطه وأهمل عمله وعلمه لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وعمت الفترة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة وانتشر الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد وهلك العباد... فمن سعى في تلافي هذه الفترة وسد هذه الثلمة إما متكلفا بعلمها أو متقلدا لتنفيذها مجردا عزيمته لهذه السنة الداثرة ناهضا باعتنائها ومشمرا في إحيائها، كان مستأثرا من بين الناس باحتسابه ومستندا بقربة ينال بها درجات القرب.
وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد وردت فيه فضائل كثيرة: قال الله - تعالى -: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، و أولئك هم المفلحون. " وقال الله - تعالى -: " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة. "...
وأما الأخبار فيها فما رواه الحسن عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه. " وعن درة بنت أبي لهب، قالت: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو على المنبر فقال: من خير الناس