وإذا كانت هذه برامج الحكومة الإسلامية وأهدافها وكان المسؤول المنفذ لها هو الإمام المعصوم أو الفقيه العادل البصير بالأمور والواجد لسائر ما ذكرناه من الشروط الثمانية فأي شيء يوجب الوحشة والفرار منها؟ وهل لا يكون المخالف لإقامتها من عملاء الاستعمار أو ممن يريد الإقدام على الظلم أو على الفساد والفحشاء والفرار من حدود الله وأحكامه؟ هذا.
وبما ذكرناه من الآيات والروايات المبينة لتكاليف الحاكم الإسلامي وواجباته يظهر لك أمران:
الأول:
ان الإمام والحاكم الإسلامي قائد ومرجع للشؤون الدينية والسياسية معا، وليس الدين منفكا عن السياسة على ما ربما يسمع من بعض نواعق الاستعمار وأبواقه.
وعلى التفكيك بينهما أيضا يكون بناء الكنيسة وعملها لما نسبوه إلى السيد المسيح (عليه السلام) من قوله: " أعطوا لقيصر ما لقيصر وما لله لله. " (1) نعم، ساحة الدين الحق بريئة من السياسة الحديثة المبنية على المكر والشيطنة و الهضم للحقوق والبراعة في الكذب والخداع.
وأما السياسة بمعنى حفظ نظام المسلمين وحقوقهم وسيادتهم وإصلاح شؤونهم العامة بشعبها المختلفة والدفاع عنهم على أساس ما أنزل الله - تعالى - من الأحكام فهي داخلة في نسج الإسلام ونظامه، كما مر بالتفصيل في الباب الثالث من الكتاب.