وبالجملة، فالعقوبات الشرعية ومنها السجون التعزيرية تستهدف الإصلاح وتحقيق المصالح العامة، لا الانتقام من المجرم وإفنائه أو تحقيره وتحطيم شخصيته ونفسياته.
فالمتصدي للسجن والسجن يجب أن يكون كطبيب حاذق لا يستهدف إلا علاج المريض وسلامته ولو بكى الأعضاء الفاسدة المسرية وقطعها، فيعود المرضى إلى المجتمع سالمين. هذا.
ولكن من المؤسف عليه أن السجون الرائجة في أعصارنا في أكثر البلاد حتى البلاد الإسلامية ليست على وزان ما يريده الشرع ويحكم به العقل، بل لا تنتج إلا خسارات في الأموال والنفوس.
قال في كتاب " التشريع الجنائي الإسلامي " ما ملخصه:
" المقياس الصحيح لنجاح عقوبة ما هو أثرها على المجرمين والجريمة، فإن نقص عدد المجرمين وقلت الجرائم فقد نجحت العقوبة، وإن زاد عدد المجرمين والجرائم فقد فشلت العقوبة ووجب أن تستبدل بها عقوبة أخرى قمينة بأن تردع المجرمين وتصرفهم عن ارتكاب الجرائم...
وعقوبة الحبس هذه هي العقوبة الأساسية لمعظم الجرائم، يجازى بها المجرم الذي ارتكب جريمته لأول مرة، ويجازى بها المجرم العاتي الذي تخصص في الإجرام، و يجازى بها الرجال والنساء والشبان والشيب، ويجازى بها من ارتكب جريمة خطيرة ومن ارتكب جريمة تافهة، وتنفذ العقوبة على هؤلاء جميعا بطريقة واحدة تقريبا.
وقد أدى تطبيق هذه العقوبة على هذا الوجه إلى نتائج خطيرة ومشاكل دقيقة نبسطها فيما يلي:
1 - إرهاق خزانة الدولة وتعطيل الإنتاج: يوضع المحكوم عليهم بعقوبة الحبس على اختلاف أنواعها في محابس يقيمون بها حتى تنتهي مدة العقوبة...
والمحكوم عليهم يكونون في الغالب من الأشخاص الأصحاء القادرين على العمل.