الثاني: قال الماوردي في الأحكام السلطانية:
" حكي أن المأمون كتب في اختيار وزير: إني التمست لأموري رجلا جامعا لخصال الخير ذاعفة في خلائقه واستقامة في طرائقه قد هذبته الآداب وأحكمته التجارب، إن اؤتمن على الأسرار قام بها. وإن قلد مهمات الأمور نهض فيها، يسكته الحلم وينطقه العلم وتكفيه اللحظة وتغنيه اللمحة. له صولة الأمراء وأناة الحكماء وتواضع العلماء و فهم الفقهاء، إن أحسن إليه شكر، وإن ابتلي بالإساءة صبر، لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده، يسترق قلوب الرجال بخلابة لسانه وحسن بيانه. " (1) أقول: لو فرض كون وزراء الحاكم بهذه الصفات التي ذكرها المأمون فمرحبا بهذا الحاكم وطوبى لمن يعيش في ظل حكمه.
4 - إشارة إلى دوائر من السلطة التنفيذية:
لا يخفى أن المقصود بالسلطة التنفيذية هي الدوائر والمؤسسات التي تباشر إجراء الأهداف والتكاليف العامة التي تكون على عهدة الحاكم سوى أمر القضاء وتوابعه الذي لأهميته يعد سلطة مستقلة، كما سيأتي. وقد مر بيان تكاليف الحاكم وواجباته.
وعلى هذا فوزارة الدفاع والمؤسسات المرتبطة بتعليم الجنود وتمرينهم وإعداد القوى وتقوية الصنائع العسكرية وحفظ الثغور والأطراف، ودوائر إيجاد الأمن في السبل وفي البلاد، ودائرة التعليم والتربية، وإدارة الكليات والجوامع والحوزات العلمية الدينية، ودائرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودائرة الحسبة بشعبها، و الوزارة الخارجية وتنظيم العلاقات مع سائر الأمم والبلاد، والوزارة المالية المتصدية لجمع الفيء والخراج والصدقات وصرفها في مصارفها المقررة ونحو ذلك من الأمور العامة كلها تكون من شعب سلطة التنفيذ. ونحن لا نبحث في هذا الكتاب إلا في