نعم، يعاقب المتجاهر المصر على الذنب، بل كل من ثبت جرمه عند الحاكم إلا إذا صلح للعفو وعفا عنه. فتدبر. هذا.
وفي كنز العمال عن ثور الكندي:
" إن عمر بن الخطاب كان يعس بالمدينة من الليل، فسمع صوت رجل في بيت يتغنى، فتسور عليه فقال: يا عدو الله، أظننت أن الله يسترك وأنت في معصيته؟ فقال: وأنت يا أمير المؤمنين لا تعجل على، إن أكن عصيت الله واحدة فقد عصيت الله في ثلاث: قال:
" ولا تجسسوا " وقد تجسست، وقال: " وأتوا البيوت من أبوابها " وقد تسورت على، و قد دخلت على بغير إذن وقال الله - تعالى -: " لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها. " قال عمر: فهل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال: نعم، فعفا عنه وخرج وتركه. " (1) الجهة الثانية:
في لزوم الاستخبارات العامة وضرورتها إجمالا:
قد ظهر لك مما مر أن اطمينان الناس وإحساسهم بالأمن في دخائلهم أمر اهتم به الشرع المبين ولأجل ذلك أوجبت حفظ حريم الناس والتحفظ على أسرارهم، وحرم التفتيش والتجسس عن دخائل الناس وخفاياهم.
ولكن المتأمل في الآيات والروايات الواردة في هذا المجال يظهر له أن محط هذا التحريم وموضوعه هي الأسرار الفردية والعائلية التي لا تمس مصالح المجتمع.
وأما التي ترتبط بمصالح المجتمع وحفظ النظام فلا محيص فيها عن التفتيش و المراقبة، إذ على الدولة الاسلامية الحافظة لنظام المسلمين أن تحصل على الاطلاعات الكافية حول أوضاع الدول والأمم الأجنبية وقراراتهم ضد الإسلام