تنبيه اعلم أن أكثر التشكيلات السياسية والولائية إنما تعرضت الشريعة الإسلامية لأصولها وأحكامها الكلية، وتركت تفاصيلها لولي الأمر في كل عصر يحددها حسب تغير حاجات المسلمين والشرائط والإمكانات الزمانية والمكانية.
ومن هذا القبيح تشكيلات القوات المسلحة والصنائع الحربية، حيث وردت في الكتاب والسنة أحكامها الكلية في مثل قوله - تعالى -: " وأعدوا لهم ما استعطتم من قوة ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم... "، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في عهده لمالك الأشتر: " فالجنود - بإذن الله - حصون الرعية، وزين الولاة، وعز الدين، وسبل الأمن، وليس تقوم الرعية إلا بهم " ونحو ذلك، وتركت تفصيلات نظامها لحكم العقل وسيرة العقلاء في كل عصر ومكان.
وحيث إن الأمة الإسلامية في المجال العسكري تحتاج إلى قوتين مسلحتين -: قوة تكون بإذن الله حصون الرعية في قبال الأجانب فتحفظ الحدود والثغور من الأعداء الخارجيين، وقوة أخرى تكون سبل الأمن الداخلي فتحفظ البلاد والعباد من الأعداء الداخليين والمخلين بأمن الناس في النفوس والأموال والحقوق - فلا محالة يحكم العقل بضرورة إيجاد هاتين القوتين المسلحتين الأساسيتين بشعبهما المحتاج إليها من الأرضية والجوية والبحرية، وتجهيزاتها المناسبة لأعمالها وأهدافها.
ومن المناسب أن تجعل القوة الأولى تحت إشراف وزارة الدفاع، والثانية تحت إشراف الوزارة الداخلية أو القوة القضائية، ويطلق على الأول القوة النظامية وعلى الثانية القوة الانتظامية أو ما شئت فعبر، ولا محالة يؤسس لتربية الأفراد لكل منهما معهد علمي يخصها ويناسبها.