لا تضيق به الأمور ولا تمحكه الخصوم ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه. وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستميله إغراء، وأولئك قليل.
ثم أكثر تعاهد قضائه وافسح له في البذل ما يزيل علته، وتقل معه حاجته إلى الناس.
وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك، فانظر في ذلك نظرا بليغا. فإن هذا الدين قد كان أسيرا في أيدي الأشرار يعمل فيه بالهوى وتطلب به الدنيا. " (1) أقول: أمحكه: جعله محكان، أي عسر الخلق. حصر كفرح: ضاق صدره والتبرم:
الملل والتضجر. لا يزدهيه إطراء: لا يستخفه كثرة الثناء عليه.
فعلى حكام المسلمين وولاتهم أن يهتموا بأمر القضاء والقضاة، كما اهتم به أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأمر مالكا بالاهتمام بهم وبما يزيل علتهم وحاجاتهم.
وفي كنز العمال: " إذا أراد الله بقوم خيرا ولى عليهم حلماءهم وقضى عليهم علماؤهم وجعل المال في سمحائهم. وإذا أراد الله بقوم شرا ولى عليهم سفهاءهم و قضى بينهم جهالهم وجعل المال في بخلائهم. " (فر، عن مهران) (2) 5 - هل يعتبر في علم القاضي كونه عن اجتهاد؟
هل يعتبر في القاضي أن يكون علمه عن اجتهاد، أو يكفي التقليد أيضا؟ وعلى الأول فهل يعتبر كونه مجتهدا مطلقا، أو يكفي التجزي؟