فيمكن أن يعد حدا. وعلى الوجه الثاني أن الحد أيضا قد يشمله عفو الإمام، كما إذا ثبت بالإقرار بل مطلقا على قول المفيد ومن تبعه كما مر تفصيله. وعلى الوجه الثالث أولا أن ما كان يوقع في المسجد لعله لم يكن عقوبة، كما في حبس المتهم. وثانيا أن النهي لعله كان ينصرف إلى خصوص الجلد الذي ربما يوجب تلوث المسجد ووجود الصياح والغوغاء فيه، فتدبر.
الجهة السادسة:
في إشارة إجمالية إلى موارد الجمع بين الحبس وبعض العقوبات الأخر:
قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه أن الحبس قد يقع بداعي العقوبة حدا، أو تعزيرا. فيراد به تنبيه الشخص المجرم وارتداعه، وكذا تنبه غيره ممن رأى أو سمع. وقد يراد به إمساك الشخص فقط حذرا من فراره، لينكشف الحق أو يستكشف منه أو يطالب به. وقد يراد به دفع شره وضرره فقط من دون أن يرجى منه التنبه والصلاح. فهذه أربعة أقسام.
أما القسمان الأولان، أعني ما يقع بداعي العقوبة حدا أو تعزيرا، فيجوز بل قد يجب أن يضاف إليه بعض العقوبات الأخر من القيد والغل والضرب قبل الحبس أو في الحبس، والتضييق في المأكل والمشرب وزيارة الأهل والعيال والإخوان وسائر الإمكانات إذا رأى الحاكم العادل البصير به وبنفسياته دخل هذه الأمور في تنبهه وفي إصلاحه وتهذيبه.
ولكن تجب الدقة والتعمق في تشخيص لزومها وفي مقدارها وكيفياتها. إذ ربما يتسرب في البين أحاسيس الانتقام ووساوس النفس الأمارة بالسوء، أو يقع التنفيذ و الإجراء بأيدي الجهال بالموازين الشرعية أو من في قلبه مرض أو غل أو حقد أو سوء خاطرة، فيعتدي على الأسراء والمسجونين، وبذلك يوجد في نفوسهم العقدة وتوجب هذه استنكافهم من التسليم والانقياد للحق بعد ما كان يرجى منهم