لمصالح الأمة على أساس ضوابط الإسلام.
وليست حكومة استبدادية ديكتاتورية. ولذا نعبر عن الحاكم الإسلامي بالإمام و الوالي والراعي، وعن الأمة بالرعية. فهو إمام لأنه أسوة يقتدى به، ووال لأنه يتولى مصالح الأمة كما يتولى متولي الوقف مثلا مصالحه، وراع لأنه يرعاهم في جميع مراحلهم حتى لا يعتري عليهم الفساد والضرر.
ولا يلتفت عندنا إلى الحكومة بما هي مقام وشأن يتفاخر به وتكون حملا وعبأ ثقيلا على ظهر الأمة، بل يلتفت إليها بما هي وظيفة ومسؤولية خطيرة على عاتق الحاكم تحقق بها مصالح الأمة ويرفع بها عن الأمة إصرهم والأغلال التي كانت عليهم وراثة أو تقليدا أو تحميلا.
فيفترق نظام الحكم الإسلامي عن أنظمة الحكم الدارجة في العالم بوجهين أساسيين كما مر:
الأول: أن أساس الحكم الإسلامي هو أحكام الله - تعالى - وقوانينه العادلة.
الثاني: أن الحاكم يشترط فيه أن يكون فقيها عادلا بصيرا لا يهمه إلا إجراء أحكام الله وإدامة طرق الأنبياء والأئمة (عليهم السلام).
والنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كان هو أول من أقام الدولة الإسلامية وكان هو بنفسه يتولى في جنب رسالته الخطيرة إدارة شؤون المسلمين: السياسية والاجتماعية و الاقتصادية والعسكرية، ويعين الأمراء والقضاة والجباة للنواحي والبلاد، ويرسم لهم منهجهم في الحكم والسياسة. والحكم الذي قام به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في عصره كان حكما فريدا في الحياة لم تعرف البشرية إلى الآن شبيها له في سهولته وسذاجته وما وجد فيه الناس من عدل وحرية ومساواة وإيثار.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) رؤوفا بهم وحريصا عليهم يطلب خيرهم ورشادهم ويرفع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم. ولشدة رأفته ورحمته وأخلاقه الكريمة جذب الناس إلى الإسلام وخلع سلاح أعدائه الذين جمعوا قواهم وإمكاناتهم ضد تقدمه;