وبالجملة، فالأمر يدور بين الأخذ بإطلاق لفظي الحد والتعزير بلحاظ مفهومهما اللغوي الوسيع أعني المنع والتأديب فيشملان كل ما يوجب منع الفاعل وتأديبه ولو كان بالمال، أو الأخذ بما ينصرف إليه إطلاقهما العرفي فعلا من الضرب والجلد، وقد مر تفصيل ذلك في الجهة الرابعة، فراجع.
وفي الخاتمة من هذه الجهة نذكر ما ذكره بعض في تقسيم العقوبات المالية تتميما للبحث:
ففي كتاب " الفقه الإسلامي وأدلته " نقلا عن بعض:
" تقسم العقوبات المالية إلى ثلاثة أقسام: الإتلاف، والتغيير، والتمليك:
1 - الإتلاف: هو إتلاف محل المنكرات من الأعيان والصفات تبعا لها. مثل إتلاف مادة الأصنام، بتكسيرها وتحريقها، وتحطيم آلات الملاهي عند أكثر الفقهاء، وتكسير وتخريق أوعية الخمر، وتحريق الحانوت الذي يباع فيه الخمر، على المشهور في مذهب أحمد ومالك وغيرهما، عملا بما فعله عمر من تحريق حانوت خمار، وبما فعله على (عليه السلام) من تحريق قرية كان يباع فيها الخمر، لأن مكان البيع مثل الأوعية. ومثل إراقة عمر اللبن المخلوط بالماء للبيع، وبه أفتى طائفة من الفقهاء. ومثله إتلاف المغشوشات في الصناعات كالثياب الرديئة النسج.
2 - التغيير: قد تقتصر العقوبة المالية على تغيير الشيء. مثل نهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن كسر العملة الجائزة بين المسلمين، كالدراهم والدنانير إلا إذا كان بها بأس، فإذا كان فيها بأس كسرت. ومثل فعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في التمثال الذي كان في بيته، والستر الذي به تماثيل، إذ أمر بقطع رأس التمثال فصار كهيئة الشجرة، وبقطع الستر فصار وسادتين توطآن.
وهكذا اتفق العلماء على إزالة وتغيير كل ما كان من العين أو التأليف المحرم، مثل تفكيك آلات الملاهي وتغيير الصور المصورة.
لكن العلماء اختلفوا في جواز إتلاف محل هذه الأشياء تبعا للشئ الحال فيها، قال: و الصواب جوازه كما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف، وهو ظاهر مذهب