والمناسب في باب الحج تصدي أمير الحجاج له وإن لم يكن نفس الإمام، فيجوز بل يجب تصديهما له ولا سيما إذا فوض الإمام إليهما ذلك بالصراحة.
نعم، في النفس شيء بالنسبة إلى القضاة وهو أن الماوردي وأبا يعلى لم يذكرا ذلك في عداد ما ذكراه من اختيارات القضاة، ولو كان الهلال أمرا مرتبطا بهم في تلك الأعصار كان المناسب تعرضهما له كما تعرضا له في ولاية الحج كما مر. هذا.
وقد يقال: إنه يجب على الفقيه كفاية التصدي له إذا لم يكن الهلال واضحا للناس و اختلفوا فيه، لأنه من الأمور الحسبية التي لا يجوز إهمالها، ولأنه باب من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودفع الهرج والمرج. ويجب على الناس أيضا الرجوع إليهم في ذلك، لأنه من الحوادث الواقعة التي أمروا بالرجوع فيها إلى رواة حديثهم.
أقول: مقتضى ذلك أن يجب مع عدم الفقيه تصدي عدول المؤمنين له ونفوذ حكمهم فيه، والظاهر أنه لا يقول بذلك أحد، فتدبر.
الثاني: الحكم عبارة عن إنشاء الإلزام بشيء أو ثبوت أمر، ولا يتعين أن يقع بلفظ:
" حكمت " أو غيره من مشتقات هذه المادة أو ما يرادفه، بل يكفي فيه قوله: " اليوم من رمضان أو شوال، أو يجب عليكم صوم اليوم أو الفطر فيه " ونحو ذلك مما هو حكم واقعا وبالحمل الشائع، فاللازم واقع الحكم لا مفهومه. وفي كفاية قوله: " ثبت عندي " اشكال إذ ظاهره الخبر لا الانشاء كما لا يخفى.
الثالث: ليس حكم الحاكم في الهلال وفي سائر الموضوعات على القول به ملحوظا بنحو السببية في عرض الواقع ومغيرا له، بل هو طريق شرعي إلى الواقع وحجة عليه كسائر الأمارات والطرق، فلا مجال له مع العلم بالواقع سواء أصابه أم أخطأه. نعم، في باب المنازعات يجب التسليم لحكمه ظاهرا على المترافعين حسما