لم يقر، مضافا إلى عدم الوجه للعفو مع إصرار المرتكب وعدم توبته.
ولكن كلا الوجهين ممنوعان، إذ لعل عمله كان في معرض الثبوت بالشهادة فأقر برجاء العفو أو التخفيف، ولعل الإمام رأى أن عفوه يوجب حسن ظنه بالإسلام فيعود إلى الإسلام وتكاليفه أو أنه توقع منه عملا مهما نافعا للإسلام والمسلمين فيعفو عنه وإن لم يتب ترغيبا له في هذا العمل.
وكيف كان فمقتضى الجمع بين الروايات في المقام هو التفصيل بين ما ثبت بالبينة، و ما ثبت بالإقرار. ولو أجزنا إجراء الحدود بعلم الحاكم فهل يلحق ذلك بالبينة أو بالإقرار؟
وجهان. ولعل المستفاد من عموم التعليل في رواية تحف العقول جواز العفو فيه أيضا، فتدبر.
والمقصود بالإمام في أمثال المقام هو المتصدي للحكومة الحقة العادلة في كل عصر وزمان، لا خصوص الإمام المعصوم. وذلك واضح لكل من ثبت له بما حققناه في هذا الكتاب لزوم وجود الحكومة وضرورتها في جميع الأعصار، ويطلق على قائد المسلمين في كل عصر لفظ الإمام، فراجع المباحث السابقة.
ثم إن الظاهر أن مورد عفو الإمام هو الحدود التي تكون لله وليس فيها حق الناس، و أما الحد الذي يغلب عليه جانب حق الناس كحد القذف فالعفو فيه دائر مدار عفو من له الحق. ووجهه واضح، فتدبر.
العفو عن التعزيرات:
هذا كله في الحدود الشرعية المقدرة. وأما التعزيرات المفوضة إلى الإمام والحاكم فإن كانت في قبال حق الناس فالظاهر أن العفو فيها أيضا دائر مدار عفو من له الحق. و أما ما كانت في قبال حقوق الله - تعالى - فالمستفاد من إطلاق الآيات والروايات الكثيرة الواردة في العفو والإغماض، ومن سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) و غيرهما جواز عفو الإمام عنها إذا رآه صلاحا ولم يوجب تجري المرتكب: