لي أبو عبد الله (عليه السلام): " أي شيء بلغني عنكم؟ " قلت: ما هو؟ قال: " بلغني أنكم أقعدتم قاضيا بالكناسة. " قال: قلت: نعم جعلت فداك، ذاك رجل يقال له: عروة القتات وهو رجل له حظ من عقل نجتمع عنده فنتكلم ونتسائل ثم نرد ذلك إليكم. قال: " لا بأس. " (1) فليس دالا على جواز تصدى العامي للقضاء، بل دلالته على عدم الجواز أظهر. يظهر لك ذلك من اعتراض الإمام (عليه السلام) ومن جواب الراوي، حيث يستفاد منه عدم تحقق قضاء جازم، فتدبر.
6 - هل للفقيه أن ينصب المقلد للقضاء؟
قد يقال إن الأدلة الدالة على الإذن كما مر وإن كانت تختص بالفقهاء والمجتهدين، و لكن يجوز للمجتهد المأذون فيه نصب مقلده العالم بمسائل القضاء عن تقليد لأمر القضاء، بتقريب أن للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والوصي بمقتضى الولاية المطلقة نصب كل أحد لذلك وإن لم يكن مجتهدا. وكل ما كان لهما كان للفقيه الجامع للشرائط أيضا، لعموم أدلة الولاية والنيابة.
فإن قلت: لا نسلم جواز نصب العامي من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الوصي، لدلالة المقبولة على اعتبار الاجتهاد في المنصوب له.
قلت: إن المقبولة لا تدل إلا على نصب الفقيه، وأما كون ذلك بإلزام شرعي وكون الفقاهة معتبرا بحكم الشرع فممنوع. فلعل الإمام الصادق (عليه السلام) حيث أراد النصب بنحو عام راعى في نصبه جانب الاحتياط، فلم ينصب غير الفقيه حذرا من أن يتمتع بهذا النصب بعض من لا يكون أهلا للقضاء، وعلى هذا فلا مانع من