خاتمة صحيح ابن سنان الذي حكاه صاحب الجواهر آنفا وإن دل على جواز تحالف أرباب المتاع جميعا على سعر خاص لاستزادة في الربح، ولكن هذا فيما إذا لم يوجب التحالف المذكور إجحافا بالناس وإلا فهو مرجوح عند العقل والشرع.
وبالجملة، فمجرد التحالف على سعر خاص مما لا بأس به بل قد يكون ضرورة ليمنع من تنزل قيمة المتاع وتضرر أهله، ولكن اللازم رعاية الإنصاف وعدم الإجحاف في التسعير.
فروى الكليني بسنده عن أبي جعفر الفزاري، قال: " دعا أبو عبد الله (عليه السلام) مولى يقال له:
مصادف، فأعطاه ألف دينار، وقال له: تجهز حتى تخرج إلى مصر، فإن عيالي قد كثروا.
قال: فتجهز بمتاع وخرج مع التجار إلى مصر، فلما دنوا من مصر استقبلهم قافلة خارجة من مصر فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة - وكان متاع العامة - فأخبروهم أنه ليس بمصر منه شيء، فتحالفوا وتعاقدوا على أن لا ينقصوا متاعهم من ربح الدينار دينارا، فلما قبضوا أموالهم انصرفوا إلى المدينة، فدخل مصادف على أبي عبد الله (عليه السلام) ومعه كيسان; كل واحد ألف دينار. فقال: جعلت فداك هذا رأس المال، وهذا الآخر ربح. فقال: إن هذا الربح كثير، ولكن ما صنعتم في المتاع؟ فحدثه كيف صنعوا و كيف تحالفوا، فقال: سبحان الله، تحلفون على قوم مسلمين أن لا تبيعوهم إلا بربح الدينار دينارا؟! ثم أخذ أحد الكيسين وقال: هذا رأس مالي، ولا حاجة لنا في هذا الربح. ثم قال: يا مصادف: مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال. " (1) فالإمام (عليه السلام) في هذه الرواية لم يخطئ أصل التحالف على السعر، وإنما خطأ التحالف على ربح الدينار دينارا الذي كان يعد إجحافا، فتدبر.