المجتمع، وربما يكون التعزير المالي أشد تأثيرا في النفوس وأصلح بحال الفاعل و بحال المجتمع أيضا، وبالعكس يكون الضرب والإيلام مضرا ومنفرا، فتأمل.
السابع عشر: الأولوية القطعية.
فإن الإنسان كما يكون مسلطا على ماله بحكم العقل والشرع فلا يجوز التصرف في ماله بدون أذنه، فكذلك يكون مسلطا على نفسه وبدنه، بل هي ثابتة بالأولوية القطعية، حيث إن السلطة على المال من شؤون السلطة على النفس ومن لواحقها; فإذا جاز نقض سلطته على بدنه وهتك حريمه بضربه وإيلامه بداعي الردع والتأديب فليجز نقض السلطة المالية بطريق أولى ولكن بهذا الداعي وبمقدار لابد منه لذلك، ويكون الأمر في التعيين مفوضا إلى الحاكم العالم بمصالح المجتمع.
ولقد كان في شرع يوسف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن من وجد متاع السرقة في رحله فهو جزاؤه يسترق لذلك، فهل يصح عند العقل استرقاق الشخص وتملك ذاته ونفسه لذلك ولا يصح مصادرة بعض أمواله لذلك؟
وإنما شاع التعزير البدني خارجا وفي الأخبار والروايات لكونه أسهل تناولا وأعم موردا وأشد تأثيرا في الغالب. نعم الحدود الشرعية المقدرة يتساوى فيها جميع الأفراد، ولا شفاعة فيها ولا تعطيل ولا تعويض ولا تبعيض، كما هو واضح. هذا.
ويؤيد ما ذكرناه استقرار سيرة العقلاء في الأعصار المختلفة على التغريم المالي في كثير من الخلافات ولا سيما إذا كان المورد خلافا ماليا. وقد شاع هذا في عصرنا في تخلفات السيارات والكمارك والضرائب والاحتكارات والإجحافات، فتدبر.
الثامن عشر: إطلاقات أدلة الحكومة وولاية الفقيه الجامع للشرائط.
فإن الغرض من تأسيس الدولة والحكومة الحقة ليس إلا تنظيم المجتمع وإصلاحه و جبر نقائصه وانحرافاته وإشاعة المعروف فيه وقطع جذور المنكر والفساد، فيجوز للحاكم المشرف على المجتمع بل يجب عليه الحكم بكل ما رآه صلاحا لهم ولنظامهم. و من هذا القبيل أنواع التعزيرات لتأديب المجرمين وإصلاحهم. ويسمى