الناس في ضيق شديد لذلك.
وقد أوضح أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه إلى مالك ما هو الملاك في المنع من الاحتكار، فقال في شأن التجار:
" واعلم - مع ذلك - أن في كثير منهم ضيقا فاحشا، وشحا قبيحا، واحتكارا للمنافع، وتحكما في البياعات، وذلك باب مضرة للعامة وعيب على الولاة; فامنع من الاحتكار. " (1) ولم يذكر (عليه السلام) الأشياء الخاصة، ولا الأقوات مع كونه في مقام البيان.
وبالجملة، ليست أحكام الشريعة الإسلامية جزافية بلا ملاك، بل شرعت على أساس المصالح والمفاسد. وليست أيضا لزمان خاص أو مكان خاص، بل شرعت لكافة الناس في جميع البلدان إلى يوم القيامة. وحاجات الناس وضروريات معاشهم تختلف بحسب الأزمنة والحالات والظروف. وإطلاقات الروايات الكثيرة الناهية عن مطلق الحكرة تشمل الجميع. ومناسبة الحكم والموضوع، وملاحظة الملاك أيضا تقتضيان الأخذ بالاطلاق. والأخبار الحاصرة أيضا بنفسها مختلفة; فترى الزيت مذكورا فيما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يذكر فيما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وترى الملح مذكورا في كلام الشيخ ومن بعده ولم يذكر في كلام من قبله ولا في الروايات، فاحدس من جميع ذلك عدم انحصار الاحتكار المحرم في أشياء خاصة.
] 8 [- وجوه الحمل في الأخبار الحاصرة:
فإن قلت: فعلى أي محمل تحمل الأخبار الحاصرة؟
قلت: يحتمل فيها وجوه: