عليها بغير الجلد والحبس غير المحدد المدة هي جرائم تافهة في الغالب يكفي في عقابها النصح والتوبيخ والغرامة والحبس مع إيقاف التنفيذ، فتكون النتيجة أن لا يحبس فعلا إلا في حوالي 5 % من مجموع الجرائم. وهذه نتيجة لا يمكن الوصول إليها إلا بتطبيق نظرية الشريعة الإسلامية في العقاب... " (1) أقول: وحيث إن مشكلة السجون في القوانين الوضعية الرائجة في البلاد صارت من أعظم المشاكل والمصائب للدول، بل صارت مما يخاف منها على الأنظمة أحيانا فاللازم التفكير في تقليل السجن والسجناء مهما أمكن، وتنفيذ سائر التعزيرات بل و التوصل بالعفو والإغماض أو القناعة بمثل التعنيف والتوبيخ والتهديد في أكثر الموارد التي لا يرى فيها ضرورة للتعزير أو الحبس، فتدبر.
الجهة الخامسة:
في إشارة إجمالية إلى مكان السجن من العقوبات في الشريعة الإسلامية:
هل الحبس الشرعي حد أو تعزير، أو قسيم لهما، أو يختلف بحسب الموارد؟ فلنذكر لبيان ذلك مقدمة، فنقول: العقوبات المشرعة في الإسلام في قبال الجرائم عبارة عن الحدود، والتعزيرات، والكفارات، والقصاص، والديات. وتنقسم العقوبات إلى قسمين: قسم يغلب فيه جانب حق الله - تعالى -، أو يمحض فيه كالكفارات وأكثر الحدود الشرعية، وكذلك التعزيرات الواقعة في قبال مقدمات الزنا واللواط وشبههما، و قسم يغلب فيه جانب حق الناس كالقصاص والديات بل وحد القذف والتعزير لما يناسبه من السب والشتم ونحوهما.
وقد مر من الشرائع بيان الفارق بين الحد والتعزير، فقال في أول الحدود من الشرائع: