أقول: الأكرياء جمع الكرى، ويستعمل بمعنى المكاري والمكتري معا. قيل: وهم المقاولون الذين يخدعون الناس ولا يفون بالتزامهم.
ولا يخفى عدم الخصوصية للعناوين الثلاثة، بل المستفاد من الرواية بإلغاء الخصوصية أن كل من تصدى لعمل وشغل في المجتمع ولم يكن أهلا له، بحيث يتضرر بعمله وسيرته المجتمع، يجب ردعه ومنعه عن ذلك ولو بحبسه.
وإن شئت قلت: أحد العناوين الثلاثة يرتبط بدين الناس، والثاني بحياتهم ونفوسهم، والثالث بأموالهم. فكل من يرتبط بالشؤون الثلاثة لأبناء النوع، ولم يكن أهلا لما اتخذه من الحرف كان على الإمام حبسه ومنعه. ولا محالة يكون الحبس بعد عدم تأثير الوعظ والتعنيف والتخويف، فإن كان ممن يتأدب بالحبس كان حبسه تعزيرا وتأديبا له، وإلا كان لرفع شره وإضراره فقط، فلا يكون حدا ولا تعزيرا، فتأمل.
الخامس والسادس والسابع - الغاصب لمال الغير، وآكل مال اليتيم ظلما، و الخائن في الأمانة:
1 - فروى الشيخ بسند صحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " كان على (عليه السلام) لا يحبس في الدين إلا ثلاثة: الغاصب، ومن أكل مال اليتيم ظلما، ومن اؤتمن على أمانة فذهب بها. وإن وجد له شيئا باعه، غائبا كان أو شاهدا. " (1) قال الشيخ:
" هذا يحتمل وجهين: أحدهما أنه ما كان يحبس على وجه العقوبة إلا الثلاثة الذين ذكرهم، والثاني ما كان يحبس حبسا طويلا إلا الثلاثة الذين استثناهم، لان الحبس في الدين إنما يكون مقدار ما يبين حاله. "