وأما الأخبار التي مرت فمضافا إلى ضعف أكثرها تحمل على صورة عدم القوة و القدرة وهي شرط عقلي، أو تحمل على صورة عدم إعداد المقدمات بحيث يقع عمله لغوا لا يترتب عليه أثر إلا هلاك نفسه أو على كون المورد جزئيا لا يجوز بسببه إيقاع النفس في المهالك أو نحو ذلك من المحامل.
وبالجملة، فالواجب في المقام إجراء باب التزاحم، وتقديم ما هو الأهم ملاكا، و هكذا كانت سيرة أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) الملتزمين بالموازين الشرعية أمثال أبي ذر، وميثم التمار، وحجر بن عدى، ورشيد، ومسلم، وهاني، وقيس بن مسهر، و زيد بن علي، وحسين بن علي شهيد فخ، وقد استشهدوا في طريق الدفاع عن الحق، فما في الجواهر هنا من قوله:
" وما وقع من خصوص مؤمن آل فرعون وأبي ذر وغيرهما في بعض المقامات فلأمور خاصة لا يقاس عليها غيرها، " (1) كلام بلا وجه، فتدبر.
هذا كله ما يقال أولا.
وثانيا: إن الظاهر أن محل بحث المحقق وأمثاله هو الأمر والنهي الصادران عن الأشخاص العاديين في الموارد الجزئية. وأما صاحب المقام المسؤول من قبل الحاكم لذلك فعليه تفويض الأمر إلى العالم بالمعروف والمنكر القادر على الأمر والنهي ولو بالقدرة الحاصلة من قبل الحكومة. ولعله المراد أيضا بقوله (عليه السلام) في خبر مسعدة: " إنما هو على القوى المطاع العالم. " ولو لم يوجد هنا حكومة عادلة ملتزمة فعلى المسلمين التعاضد والتعاون والتجمع والتشكل وتهية الأسباب مقدمة لتحصيل القدرة على ذلك و القيام في قبال الطغاة، كما مر بيانه بالتفصيل، فلاحظ.
وفي الجواهر بعد بيان الشرائط الأربعة للوجوب قال:
" وعن البهائي - رحمه الله - في أربعينه عن بعض العلماء زيادة أنه لا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بعد كون الآمر والناهي متجنبا عن المحرمات