فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله. " (1) فلم يقتصر الله - سبحانه - على التفويض دون المباشرة ولا عذره في الاتباع حتى وصفه بالضلال.
وهذا وإن كان مستحقا عليه بحكم الدين ومنصب الخلافة فهو من حقوق السياسة لكل مسترع.
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. " (2)...
وإذا قام الإمام بما ذكرناه من حقوق الأمة فقد أدى حق الله - تعالى - فيما لهم و عليهم، ووجب له عليهم حقان: الطاعة والنصرة ما لم يتغير حاله. " (3) وذكر قريبا من ذلك أبو يعلى الفراء الحنبلي في كتابه المسمى بالأحكام السلطانية أيضا. (4) والرجلان كانا في عصر واحد، إذ وفاة الماوردي كانت في " 450 ه "، ووفاة أبي يعلى في " 458 ه " وتقارب كتابيهما في العبارات يوجب العلم بأخذ أحدهما من الآخر، فلعل أبا يعلى أخذ من الماوردي.
وقد تعرضا كما ترى لأصول واجبات الحكومة الإسلامية، فالأولى أن نذكر بعض الآيات والروايات المبينة للأهداف من الحكومة الإسلامية وواجباتها; فخير الكلام ما صدر عن منبع الوحي. وقد مضى أكثر هذه الروايات فيما مضى ولكن التكرار قد يجب ولا محيص عنه، كما ترى نظيره في الكتاب الكريم حيث إنه مليء من التكرار في القصص والآيات المذكرة، فنقول:
1 - قال الله - تعالى -: " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور