تحكيم حكوماتها أو إسقاطها، كما نراه من جهاز C. I. A في الولايات المتحدة. فعلى الإمام مراقبة جهاز الأمن والاستخبارات أشد المراقبة.
الرابع:
ربما يتوهم من إجازة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لبريدة بن الحصيب الأسلمي - الذي أرسله للاستخبار عن بني المصطلق - للكذب والتمويه كما مر أن للمستخبر أن يتصدى في طريق استخباراته للكذب، بل ولسائر المحرمات الشرعية من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وترك الصلاة والصيام ومصافحة الأجنبية بل والروابط الجنسية المحرمة ونحو ذلك مطلقا كما هو المتعارف بين جواسيس بلاد الكفر وقد يعبرون عن ذلك بأن الهدف يبرر الوسيلة.
أقول: هذا بكليته ممنوع جدا، إذ الحكومة بنفسها ليست عندنا هدفا بل الهدف ليس إلا تثبيت موازين الإسلام وتنفيذ أحكامه في المجتمع، ولا تشرع الحكومة والدولة و الاستخبارات إلا ما دامت واقعة في طريق ذلك، ويجب أن يفدى الجميع في هذا الطريق. نعم، ربما يتوقف حفظ النظام أو المصالح العامة أو تثبيت واجب مهم على ارتكاب محرم ليس بهذه الأهمية كالكذب والتورية مثلا لحفظ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو نظام العدل مثلا، فيجري هنا موازين باب التزاحم، فالواجب رعاية مرجحات باب التزاحم، وهذا يختلف بحسب اختلاف الأحكام والأشخاص والأصقاع والأزمنة، كما لا يخفى على أهل الفن. فالقول بتبرير الهدف للوسيلة مطلقا باطل جدا بحكم العقل والشرع.
وهذه نكتة مهمة يجب أن يلتفت إليها الموظفون في الاستخبارات وفي أجهزة التحقيق، إذ قد يشتبه الأمر عليهم بما رأوه أو سمعوه من أعمال الجواسيس و المستخبرين في بلاد الكفر في استخباراتهم حيث يستحلون كل جناية وجريمة في طريق عملهم.