والحاصل أن الفرق بين العيني والكفائي لا يرجع إلى المكلف، بل إلى المكلف به. و المكلف به في الكفائي مطلق الطبيعة، وفي العيني الطبيعة بقيد صدورها من الفاعل الخاص. وعلى هذا فإطلاق المتعلق يقتضي الكفائية. نعم، ننكر أن توجه الخطاب و التكليف يوجب الانصراف إلى العينية، فتدبر. " (1) انتهى ما أردنا نقله من كلام السيد الأستاذ - قدس سره - وإن شئت التفصيل فراجع ما قررناه من أبحاثه في كتاب نهاية الأصول المطبوع سابقا.
والظاهر أن ما ذكره حق لامرية فيه.
نعم، ما ذكره من عدم إمكان توجه التكليف إلى المجموع من حيث المجموع قابل للخدشة، إذ الظاهر أن الواجبات الاجتماعية والحدود الإلهية كلها وضعت على عاتق المجتمع بنحو العام المجموعي، غاية الأمر أن المتصدي لامتثالها هو قيم المجتمع و ممثله، أعني الإمام والحاكم كما فصلنا في بعض المباحث السابقة.
ولكن الظاهر أن الواجبات الكفائية ليست من هذا القبيل، فتأمل. إذ من الممكن إرجاع الواجبات الاجتماعية أيضا إلى الكفائية، وإن كان الواجب مباشرة الإمام و عماله لتنفيذها. فالواجب على الأمة كفاية هو تحصيل الحكومة وتأييدها ومساعدتها، و الواجب على الحاكم تنفيذ الواجبات الاجتماعية كإجراء الحدود ونحوها، فتدبر.
الجهة الرابعة:
في ذكر بعض الآيات والروايات الواردة في المسألة:
لا يخفى أن الآيات والروايات الواردة في المسألة أيضا على طائفتين، يستفاد من بعضها كون الفريضة فريضة عامة كلف بها كل مسلم ومن بعضها كونها فريضة خاصة أعني كونها من شؤون الحكومة.