ولأن الواجب أدب، والتأديب لا يكون بالإتلاف. " (1) وبالجملة، فالتعزير بالمال كان معنونا في كلمات الفقهاء من السنة، وقد رأيت حكاية جوازه عن مالك والشافعي في القديم وبعض الحنفية، واستدلوا على جوازه بما مر من الروايات الواردة في أخذ سلب الصائد في حرم المدينة أو القاطع لشجرها، أو أخذ شطر المال، مضافا إلى الزكاة ممن منعها، أو إحراق أمير المؤمنين (عليه السلام) طعام المحتكر، أو أخذ الكفارة ممن وطئ الحائض.
ما يمكن أن يستدل به للتعزير بالمال بإتلافه أو بأخذه:
أقول: ويمكن أن يستدل لذلك مضافا إلى ما مر بأمور أخر وإن كان بعضها قابلا للمناقشة:
الأول: تحريق موسى (عليه السلام) للعجل المتخذ إلها:
ففي سورة طه: " وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا; لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا. " (2) وأحكام الشرائع السابقة يجوز استصحابها ما لم يثبت نسخها، والعجل كان قيما جدا; صنعه السامري من مجموع حلي بني إسرائيل.
وبذلك يظهر أن إفناء مظاهر الفساد التي ربما ينجذب إليها أهواء البسطاء وأهل الزيغ أولى من إبقائها في المتاحف.
الثاني: هدم مسجد الضرار وتحريقه مع ماليته: