الجهة العاشرة:
في بيان مفهوم الحسبة، وشروط المحتسب، والفرق بينه وبين المتطوع:
من الدوائر التي كانت رائجة في أعصار الخلافة الإسلامية هي دائرة الحسبة، وربما كان يعبر عنها بولاية الحسبة، ويرجع تاريخها إلى عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما سيظهر.
وكانت وظيفتها إجمالا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمراتبها ومفهومهما الوسيع، ولعلها توجد الآن أيضا في بعض البلاد الإسلامية بهذا الاسم أو ما يقرب منه. و قد وزعت وظائفها في أعصارنا في أكثر البلاد على الوزارات والمؤسسات المختلفة المنشعبة من سلطة التنفيذ، كما فوض بعض وظائفها أيضا إلى سلطة القضاء.
وكانت في عصر بساطة الخلافة وسذاجتها تحت إشراف نفس الخليفة والإمام الأعظم، بل ربما كان الإمام بنفسه يتصدى لأكثر وظائفها. فلنتعرض لها هنا إجمالا فنقول:
1 - قال ابن الأثير في النهاية:
" والحسبة اسم من الاحتساب، كالعدة من الاعتداد. والاحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات: هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجوا منها. " (1) 2 - وفي الصحاح:
" احتسب عليه كذا: إذا أنكرته عليه. قال ابن دريد: واحتسبت بكذا (طلبت) أجرا عند الله، والاسم الحسبة بالكسر وهي الأجر. " (2)