والآخر يجعله كسبيل ماله.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطه: هو مخير بين ثلاثة أشياء " يعني في لقطة غير الحرم " بعد تعريفه سنة: بين أن يحفظه على صاحبه أمانة وبين أن يتصدق عنه بشرط الضمان وبين أن يتملكه لنفسه وعليه ضمانه، والصحيح أنه يكون بين خيرتين فحسب لأن إجماع أصحابنا منعقد أنه يكون بعد السنة وتعريفها فيها كسبيل ماله وإنما الشافعي يخيره بين ثلاثة أشياء، وإلى ما اخترناه وقررناه ذهب شيخنا أبو جعفر في نهايته.
ويكره الصلاة في طريق مكة في أربعة مواضع: البيداء " وقد فسرناها في كتاب الصلاة " وذات الصلاصل وضجنان ووادي الشقرة. ويستحب الإتمام في الحرمين مكة والمدينة ما دام مقيما وإن لم ينو المقام عشرة أيام وإن قصر فلا شئ عليه، وكذلك يستحب الإتمام في مسجد الكوفة وفي مشهد الحسين ع هذا على قول بعض أصحابنا، والأظهر الأكثر عند المحصلين: لا يجوز الإتمام من غير نية المقام عشرة أيام للمسافر إلا في نفس المسجدين فحسب دون مكة جميعها ودون المدينة جميعها، لأن الاجماع حاصل على ذلك والخلاف فيما عداه والأصل التقصير للمسافر فأخرجنا ما أخرجنا بدليل الاجماع، بقي ما عداه على ما كان.
وكذلك نفس مسجد الكوفة دون الكوفة، وكذلك في نفس مشهد الحسين ع دون ما عدا المسجد الذي لا يجوز للجنب الجلوس فيه ولا تقريبه النجاسة.
وذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي في كتاب الاستبصار في الجزء الثاني إلى جواز الإتمام في مكة والمدينة والكوفة وقال: أخص ما ورد من الأخبار بالإتمام في نفس المساجد دون ما عداها بالذكر تعظيما لها، ثم ذكر في الأخبار الأخر ألفاظا تكون هذه المساجد داخلة فيها.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: هذا منه رحمه الله تعسف لا حاجة به إليه وتأويل بعيد، وإذا كنا لا نعمل بأخبار الآحاد وإجماعنا منعقد على ما ذكرناه من الإتمام في نفس المساجد المذكورة فلا يلتفت إلى ما عداه، وقد رجع شيخنا أبو جعفر عن هذا القول في كتب الصلاة في باب الصلاة في السفر فإنه قال: ويستحب الإتمام في أربعة مواطن في السفر: بمكة والمدينة ومسجد الكوفة والحائر على ساكنه السلام، فخص نفس مسجد الكوفة دون الكوفة، وفي الاستبصار قال: يتمم في الكوفة.