يبعث هديه الذي ساقه، ولم يقولوا: يبعث بهدي آخر، فإذا بلغ محله أحل إلا من النساء، فهذا فائدة قوله رحمه الله: وإن كان المحصور معتمرا فعل ما ذكرناه وكانت العمرة عليه فرضا في الشهر الداخل إذا كانت واجبة وإن كانت نفلا كانت عليه العمرة في الشهر الداخل تطوعا، وإنفاذا الهدي أو بعث ثمنه على ما ذكرناه أولا إنما يجب على من لم يشترط على ربه في إحرامه على ما أسلفنا القول فيه وحررناه فأما من اشترط على ربه في حال إحرامه إن عرض له عارض فحله حيث حبسه ثم عرض المرض فله أن يتحلل من دون إنفاذ هدي أو ثمن هدي إلا إن كان قد ساقه وأشعره أو قلده فلينفذه، فأما إذا لم يكن ساقه واشترط فله التحلل إذا بلغ الهدي محله وبلوغه يوم العيد، فإذا كان يوم النحر فليتحلل من جميع ما أحرم منه إلا النساء على ما قدمناه.
وقال شيخنا المفيد في مقنعته: والمحصور بالمرض إن كان ساق هديا أقام على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله ثم يحل ولا يقرب النساء حتى يقضي المناسك من قابل هذا إذا كان في حجة الاسلام فأما حجة التطوع فإنه ينحر هديه وقد أحل مما كان أحرم منه فإن شاء حج من قابل وإن لم يشأ لم يجب عليه الحج والمصدود بالعدو ينحر هديه الذي ساقه بمكانه ويقصر من شعر رأسه ويحل وليس عليه اجتناب النساء سواء كانت حجته فريضة أو سنة، هذا آخر كلام المفيد رحمه الله.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: وأما المصدود فهو الذي يصده العدو عن الدخول إلى مكة أو الوقوف بالموقفين فإذا كان ذلك ذبح هديه في المكان الذي صد فيه سواء كان في الحرم أو خارجه لأن الرسول ع صده المشركون بالحديبية " والحديبية اسم بئر وهي خارج الحرم يقال: الحديبية، بالتخفيف والتثقيل وسألت ابن العصار اللغوي فقال: أهل اللغة يقولونها بالتخفيف وأصحاب الحديث يقولونها بالتشديد وخطه عندي بذلك. وكان إمام اللغة ببغداد.
ولا ينتظر في إحلاله بلوع الهدي محله ولا يراعي زمانا ولا مكانا في إحلاله، فإذا كان قد ساق هديا ذبحه، وإن كان لم يسق هديا فإن كان قد اشترط في إحرامه إن عرض له عارض يحله حيث حبسه فليحل ولا هدي عليه وإن لم يشترط فلا بد من الهدي وبعضهم يخص وجوب الهدي بالمحصور لا بالمصدود وهو الأظهر لأن الأصل براءة الذمة ولقوله تعالى: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي، أراد به المرض لأنه يقال: أحصره