الذبح إنما يكون يوم النحر فإذا وجدهم قد ذبحوا الهدي فقد فاته الموقفان وإن لحقهم قبل الذبح يجوز أن يلحق أحد الموقفين فمتى لم يلحق واحدا منهما فقد فاته أيضا الحج.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: اعتبار شيخنا رحمه الله بإدراك مكة قبل أن ينحر هديه غير واضح لأن النحر يكون في منى يوم العيد ولا يصل الحاج منى إلا بعد طلوع الشمس من يوم النحر وبطلوع الشمس يفوت وقت المشعر الحرام وبفواته يفوته الحج فلو أدرك أصحابه بمنى ولم ينحروا الهدي ما نفعه ذلك فلا اعتبار بذبح الهدي وإدراكه بل الاعتبار بإدراك المشعر الحرام في وقته على ما اعتبرناه.
ومن لم يكن ساق الهدي فليبعث بثمنه مع أصحابه ويواعدهم وقتا بعينه بأن يشتروه ويذبحوا عنه ثم يحل بعد ذلك، فإن ردوا عليه الثمن ولم يكونوا وجدوا الهدي وكان قد أحل لم يكن عليه شئ ويجب عليه أن يبعث به في العام القابل ليذبح في موضع الذبح، وقد روي: أنه يجب عليه أن يمسك مما يمسك عنه المحرم إلى أن يذبح عنه، ذكر ذلك شيخنا في نهايته ولا دليل عليه والأصل براءة الذمة وهذا ليس بمحرم بغير خلاف فكيف يحرم عليه لبس المخيط والجماع والصيد وليس هو بمحرم ولا في الحرم حتى يحرم عليه الصيد، ولا يرجع فيه إلى أخبار الآحاد، وما أورده رحمه الله في نهايته فعلى جهة الإيراد لا الاعتقاد، وذهب ابن بابويه في رسالته فقال: وإذا قرن الرجل الحج والعمرة وأحصر بعث هديا مع هديه ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: أما قوله رحمه الله: وإذا قرن الرجل الحج والعمرة، فمراده كل واحد منهما على الانفراد ويقرن إلى إحرامه بواحد من الحج أو من العمرة هديا يشعره أو يقلده فيخرج من ملكه بذلك وإن لم يكن ذلك عليه واجبا ابتداء، وما مقصوده ومراده أن يحرم بهما جميعا ويقرن بينهما لأن هذا مذهب من خالفنا في حد القران ومذهبنا أن يقرن إلى إحرامه سياق هدي فليلحظ ذلك ويتأمل. فأما قوله: بعث هديا مع هديه إذا أحصر، يريد أن هديه الأول الذي قرنه إلى إحرامه ما يجزئه في تحليله من إحرامه لأن هذا كان واجبا عليه قبل حصره فإذا أراد التحلل من إحرامه بالمرض " الذي هو الحصر عندنا على ما فسرناه " فيجب عليه هدي آخر لذلك لقوله تعالى: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي، وما قاله قوي معتمد غير أن باقي أصحابنا قالوا: