ومن أمر غيره أن يحج عنه متمتعا فليس له أن يحج عنه مفردا ولا قارنا فإن حج عنه كذلك لم يجزئه وكان عليه الإعادة إن كانت الحجة المستأجرة لها غير معينة بزمان بل كانت الإجارة في الذمة غير مقيدة بزمان فإن كانت مقيدة بزمان انفسخت الإجارة ووجب عليه رد جميع الأجرة وكان المستأجر بالخيار بين أن يستأجره هو أو غيره، وإن أمره أن يحج عنه مفردا أو قارنا جاز له أن يحج عنه متمتعا لأنه يعدل إلى ما هو الأفضل.
هكذا رواية أصحابنا وفتاويهم وتحقيق ذلك أن من كان فرضه التمتع فحج عنه قارنا أو مفردا فإنه لا يجزئه ومن كان فرضه القران أو الإفراد فحج عنه متمتعا فإنه لا يجزئه إلا أن يكون قد حج المستنيب حجة الاسلام فحينئذ يصح إطلاق القول والعمل بالرواية يدل على هذا التحريم قولهم: وإن أمره أن يحج عنه مفردا أو قارنا جاز له أن يحج عنه متمتعا لأنه يعدل إلى ما هو الأفضل، فلو لم يكن قد حج حجة الاسلام بحسب حاله وفرضه وتكليفه لما كان التمتع أفضل بل كان إن كان فرضه التمتع فهو الواجب لا يجوز سواه وليس لدخول أفضل معنى لأن أفعل لا يدخل إلا في أمرين يشتركان ثم يزيد أحدهما على الآخر وكذلك لو كان فرضه القران أو الإفراد لما كان التمتع أفضل بل لا يجوز له التمتع فكيف يقال: أفضل؟ فيخص إطلاق القول والأخبار بالأدلة لأن العموم قد يخص بالأدلة بغير خلاف.
ومن أمر غيره أن يحج عنه على طريق بعينها جاز له أن يعدل عن تلك الطريق إلى طريق آخر، وإذا أمره أن يحج عنه بنفسه فليس له أن يأمر غيره بالنيابة عنه، وإن جعل الأمر في ذلك إليه ووكله إليه إما بنفسه أو يستأجر عنه ويكون وكيلا له في عقد الإجارة مع غيره جاز ذلك فأما إن أمره أن يستأجر له من يحج عنه فلا يجوز للمأمور أن يحج عن الآمر، وإذا أخذ حجة عن غيره وكانت معينة بسنة معلومة فلا يجوز له أن يأخذ حجة أخرى لتلك السنة لأن الإجارة معينة بزمان فلا يصح أن يعمل فيه عملا لغير المستأجر لأن منافعه قد استحقت عليه في ذلك الزمان، فإن خالف وخرج الزمان والسنة المعينة ولم يحرم انفسخت الإجارة لأن الوقت الذي عينه قد فات.
وإن أخذ حجة لتحج في غير تلك السنة فلا بأس، وإن كانت الحجة في الذمة لا معينة بزمان بأن يقول: استأجرتك على أن تحج عني، صح العقد واقتضى التعجيل في