أراد وقصد شيخنا غير ذلك فهذا يكون قد ترك الإحرام متعمدا من موضعه فيؤدى إلى إبطال حجة بغير خلاف فليتأمل ذلك.
وإن قدم إحرامه قبل الوقت وأصاب صيدا لم يكن عليه شئ لأنه لم ينعقد إحرامه، وإن أخر إحرامه عن الميقات وجب عليه أن يرجع إليه ويحرم منه متعمدا كان أو ناسيا، فإن لم يمكنه الرجوع إلى الميقات وكان قد ترك الإحرام متعمدا فلا حج له، وإن كان تركه ناسيا فليحرم من موضعه لأن الإحرام واجب وركن من الأركان في الحج التي متى تركها الانسان متعمدا بطل حجه إذا فات أوقاتها ومحالها وأزمانها وأمكنتها، وإن تركها ناسيا لا يبطل حجه، والواجب الذي ليس بركن إذا تركه الانسان متعمدا لا يبطل حجه بل له أحكام نذكرها عند المصير إليها إن شاء الله تعالى.
فإن كان قد دخل مكة ثم ذكر أنه لم يحرم ولم يمكنه الروع إلى الميقات لخوف الطريق أو لضيق الوقت وأمكنه الخروج إلى خارج الحرم فليخرج إليه وليحرم منه، وإن لم يمكنه ذلك أيضا أحرم من موضعه وليس عليه شئ، ووقت رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل كل صقع ولمن حج على طريقهم ميقاتا، فوقت لأهل العراق العقيق ففي أي جهاته وبقاعه أحرم ينعقد الإحرام منها إلا أن له ثلاثة أوقات: أولها المسلخ - يقال: بفتح الميم وبكسرها - وهو أوله وهو أفضلها عند ارتفاع التقية، وأوسطها غمرة وهي تلى المسلخ في الفضل مع ارتفاع التقية، وآخرها ذات عرق وهي أدونها في الفضل إلا عند التقية والشناعة والخوف فإن ذات عرق حينئذ أفضلها في هذه الحال ولا يتجاوز ذات عرق إلا محرما على كل حال. ووقت لأهل المدينة ذات الحليفة وهو مسجد الشجرة. ووقت لأهل الشام الجحفة وهي المهيعة - بتسكين الهاء وفتح الياء مشتقة من المهيع وهو المكان الواسع.
ووقت لأهل الطائف قرن المنازل، وقال بعض أهل اللغة وهو الجوهري صاحب كتاب الصحاح في الصحاح: قرن بفتح الراء ميقات أهل نجد، والمتداول بين الفقهاء وسماعنا على مشائخنا رحمهم الله: قرن المنازل بتسكين الراء. واحتج صاحب الصحاح بأن أويسا القرني منسوب إليه.