ويقصران أو يحلقان، ثم يطوفان طواف النساء واجب ذلك عليهما ولا يجب ذلك على المتمتع في عمرته على ما قدمناه وقد أديا عمرتهما الواجبة عليهما، فتكون عمرته مفردة ونحن نبين ذلك زيادة بيان في موضعه ونزيده شرحا.
من جاور بمكة سنة واحدة أو سنتين كان فرضه التمتع فيخرج إلى ميقات بلده ويحرم بالحج متمتعا، فإن جاور بها ثلاث سنين لم يجز له التمتع وكان حكمه حكم أهل مكة وحاضريها على ما جاءت به الأخبار المتواترة.
وإذا أراد الانسان أن يحج متمتعا فيستحب له أن يوفر شعر رأسه ولحيته من أول ذي القعدة ولا يمس شيئا منهما، وقال بعض أصحابنا بوجوب توفير ذلك فإن حلقه وجب عليه دم شاة وهو مذهب شيخنا المفيد في مقنعته وإليه ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي في نهايته واستبصاره، وقال في جمله وعقوده بما اخترناه أولا وهو الصحيح لأن الأصل براءة الذمة فمن شغلها بواجب أو مندوب يحتاج إلى دليل شرعي، وأيضا قبل الإحرام الانسان محل ولا خلاف أن المحل لم يحظر عليه حلق رأسه وإنما حظر ذلك على المحرم ولا إجماع معنا على وجوب توفير شعر الرأس من هذا الوقت.
فإذا جاء إلى ميقات أهله أحرم بالحج متمتعا على ما قدمناه ومضى إلى مكة فإذا شاهد بيوتها فليقطع التلبية المندوب تكرارها ثم يدخلها، فإذا دخلها طاف بالبيت سبعا وصلى عند المقام ركعتين، ثم سعى بين الصفا والمروة وقصر من شعر رأسه وقد أحل من جميع ما أحرم منه على ما قدمناه إلا الصيد فإنه لا يجوز له ذلك لا لكونه محرما بل لكونه في الحرم.
ثم يستحب أن يكون على هيئته هذه إلى يوم التروية عند الزوال، فإذا كان ذلك الوقت صلى الظهر وأحرم بعده بالحج ومضى إلى منى، ثم ليغد منها إلى عرفات فيصلي بها الظهر والعصر ويقف إلى غروب الشمس، ثم يفيض إلى المشعر فيبيت بها تلك الليلة فإذا أصبح وقف بها على ما قدمناه، ثم غدا منها إلى منى فقضى مناسكه هناك ثم يجئ يوم النحر أو من الغد والأفضل ألا يؤخر ذلك عن الغد فإن أخره فلا بأس ما لم يهل المحرم، ويطوف بالبيت طواف الحج ويصلى ركعتي الطواف ويسعى بين الصفا والمروة