يكون إذا كان ظاهرا حتى يعلم، كغيره من الذنوب.
فهذان قولان، وظاهر الجواهر قول ثالث، فإنه بعد أن صرح بعدم الخلاف في الحرمة كالمسالك قال بعد ذكر خبر حمزة بن حمران الآتي:
(فيمكن أن يقال: إن التظاهر بهما محرم) وصريح المسالك كون الحسد من الأعمال القلبية، وعليه يمكن أن يكون محكوما بحكم من الأحكام لكن ظاهر أخبار المسألة أنه من صفات القلب، فيكف يحكم عليه بشئ من الأحكام؟ وبعبارة أخرى: إن موضوعات الأحكام هي أفعال العباد لا أوصافهم. نعم إذا كان وصف من الأوصاف باختيار العبد وجودا أو عدما أمكن أن يقال للعبد: إن أوجدت الصفة الكذائية في نفسك أو أعدمتها فالحكم كذا، لكن الحسد ليس من هذا القبيل، فإنه كالخوف والبخل مثلا خارج عن الاختيار، فقولهم: (معصية) أو (حرام) مشكل، نعم لا مانع من أن يقال بوجوب تغيير الصفة السيئة مع الامكان.
أما اظهار الحسد وعدم اظهاره فذلك تحت اختيار المكلف، فيحرم عليه الاظهار، ويجب عليه المنع من ظهوره، وعلى هذا تحمل الأخبار الدالة على حرمة الحسد، فإن تظاهر سقط عن العدالة وسقطت شهادته عن القبول.
كما يجب حمل ما دل منها على عدم خلو الأنبياء والأولياء عن الحسد على الغبطة أو على الصفة غير الاختيارية، غير أن النبي صلى الله عليه، وآله وسلم لا يتظاهر به بالنسبة إلى غيره، حتى إذا كان الغير كافرا، أو يحمل على غير ذلك مما لا ينافي العصمة.
والحق أنه إن التفت الحاسد إلى لوازم الحسد كالسخط على الله تعالى فهو معصية فوق الكبيرة، سواء تظاهر بها أو لم يتظاهر، فإن لم يتظاهر كان كالمنافق، وإن تظاهر بها مع ذلك فذاك معصية أخرى، ويترتب على التظاهر