مثل الحيوان المشاء المتنقل من مكان إلى مكان. وما كان مركبا من مواد قد تساوى فيها العنصران الخفيفان (1) والعنصران الثقيلان (1) معا، يكون منها الأجرام البطيئة الحركة مثل الأصداف وما شاكلها.
ولذلك صار في الأصداف مشاكلة لما كان له حس وما ليس له حس، لأنه قد يقع في الحيوان من الاختلاف في الثقل والخفة على حسب موضع كل واحد منها من المرتبة العليا والمرتبة السفلى من العنصرين الخفيفين والعنصرين الثقيلين.
وذلك أن ما كان من الحيوان مركبا من مواد قد غلب عليها المرتبة العليا من العنصرين الخفيفين، خف ولطف وصار طيارا لازما للهواء.
وما كان منها مركبا من مواد قد غلب عليها المرتبة السفلى من العنصرين الخفيفين، تحرك حركة خفيفة وصار دبابا.
وما كان مركبا من مواد قد غلب عليها المرتبة الوسطى من العنصرين الخفيفين، توسطت حركته وصار مشاء.
وما كان من الحيوان مركبا من مواد قد غلب عليها المرتبة السفلى من العنصرين الخفيفين والمرتبة العليا في العنصرين الثقيلين، لزم البحور والأنهار وكان مأواه الماء، ذلك لغلبة رطوبة الماء على مزاجه، لان كل حيوان مشتاق إلى عنصره وأصله الذي تكون منه. ولذلك صار كل حيوان مزاجه قريبا من نبت من النبات أو حيوان من الحيوانات كان غذاؤه وقوامه من ذلك النبات أو الحيوان المشاكل لمزاجه. وكل حيوان منافر لمزاج نبت من النبات أو حيوان من الحيوان، كان ذلك الحيوان عدوه وقاتله.
فإن قال قائل: وكيف أمكن أن يكون مزاج حيوان من الحيوان مشاكلا لمزاج نبت من النبات والحيوان عندك مركب من مواد قد غلب عليها العنصران الخفيفان (1)، والنبات مركب من مواد قد غلب عليها العنصران الثقيلان (1).
قلنا له: إن في معارضتك الجواب على ما ذكرت لأنك لم تقل أنا قلنا: أن الحيوان مركب من العنصرين الخفيفين فقط، بل إنما قلنا: أنا قلنا أن الحيوان مركب من مواد قد غلب عليها العنصران الخفيفان (1)، وليس في قولنا: أن الحيوان مركب من مواد قد غلب عليها العنصران الخفيفان (1) ما سلبنا المواد العنصرين الثقيلين (2)، لأنا إنما نسبناها إلى الأغلب عليها، لأنه لو أمكن أن تكون المواد التي تركب منها الحيوان معراة من العنصرين الثقيلين، لعدم الحيوان العظام المركبة من مواد قد غلبت عليها الأرضية والرطوبات المركبة من مواد قد غلبت عليها المائية. ولعدم أيضا القوة الماسكة التي هي باردة يابسة مشاكلة لطبيعة الأرض، وكذلك القوة الدافعة التي هي باردة رطبة مشاكلة لطبيعة الماء.