ولجالينوس في هذا فصل قال فيه: وإني لاعلم أني في بعض الأوقات حللت صلابة داء الخنازير (١) في أيام يسيرة بورق الكبر فقط. وربما خلطت معه في بعض الأوقات بعض الأشياء التي يمكن فيها أن تكسر حدة حرافته إذا كان الورم ملتهبا. وإذا كان في الورق من القوة ما يفعل هذا الفعل فليس بعجب أن تكون عصارته تقتل الدود الذي في البطن والدود الذي في الاذنين، وبخاصة ورق الكبر النابت في البلدان القوية الحرارة بالطبع مثل الكبر النابت (٢) على بحر القلزم لأنه حريف جدا منفط للفم واللثة، حتى أنه كثيرا ما (٣) تتغير منه الأسنان. ولذلك صار هذا الجنس من الكبر لا يصلح في شئ من الطعوم أصلا.
ومن قبل ذلك أجمعت الأوائل أن زيادة حدة الكبر ونقصانها واختلاف أفعالها في القوة والضعف على حسب المواضع التي ينبت فيها، وذلك أن منه ما ينبت في البلدان الباردة الرطبة مثل البلدان الكثيرة المروج والآجام وما شاكل ذلك ومنه ما ينبت في البلدان الحارة اليابسة مثل البلدان الجبلية والمواضع الصخرية.
فما كان منه نابتا في الجبال والمواضع الصخرية اليابسة، كان أشد حرافة وأقرب من الدواء وأبعد من الغذاء وأسرع انقلابا إلى المرار وأخص بالاضرار بالمعدة، إلا أنه أوفق لتفتيح السدد وتقطيع الفضول الغليظة.
وما كان منه نابتا في المروج والآجام والمواضع الباردة الرطبة كان أقل حرافة وأقرب من الغذاء إلا أنه <أخص> بتوليد الرياح والنفخ وأضعف في تفتيح السدد وتنقية الفضول الغليظة. ولهذه (4) الجهة صار الأفضل أن يجتنب هذا النوع من كان قصده تنقية الفضول وتلطيفها.