أغلب كانت منفعتها للمعدة أكثر، لان كل طعمين يمزجا في شئ من الأشياء، فإن الحكم لأكثرهما مقدارا.
ومن منافع الشيح على سبيل الدواء، فإن فيه لطافة وتحليل بهما يدر البول والطمث ويفتح سدد الأرحام ويخرج المشيمة والجنين. وإذا تدخنت المرأة به، طرحت (2) الولد. وإذا طبخ بشراب وشرب، نفع من السموم القاتلة. ودخنته (3) تطرد الهوام. وإذا عمل منه ضماد على لسعة العقرب، نفع من سمها. ورماده إذا خلط بدهن اللوز أو بزيت عتيق وطلي به داء الثعلب أنبت الشعر فيه. وثمرته إذا طبخت وشرب طبيخها، نفعت من عسر البول والنفس والخناق وامتناع الطمث ومن وجع عرق النساء والأرمني أسخن وأقوى فعلا. وزعم قوم أنه يخرج الدم مع البول.
ومن خاصة الشيح في الجملة قتل الدود المتولد في البطن. ولذلك صار إذا طبخ وشرب ماؤه بعسل، أخرج الدود والحيات من البطن. وإذا طبخ مع الأرز أو العدس وشرب بعسل، فعل مثل ذلك أيضا.
وإذا عمل منه ضماد على البطن، فعل قريبا من ذلك. وإذا اعتلفته الغنم، سمنها وأصلح لبنها.
فأما النوع الثالث من الأفسنتين المعروف بأسطونيقن، فقد بينا أن هذا الاسم اشتق له من بلدته التي ينبت فيها لان اسمها ساطونيا. وقال قوم سندونيون وصورته شبيهة (4) بصورة الأفسنتين، إلا أنه أقل بزرا منه. وقوته وفعله مثل قوة الشيح وفعله. ومما هو داخل في هذا الجنس من النبات: القيصوم.
أما القيصوم فسماه قوم البلنجاشف (5) وجوهره جوهر أرضي غليظ، إلا أن قوة حرارته قد ألطفته كثيرا حتى صار يسخن ويجفف في الدرجة الثالثة لان الانسان إذا فكر في طعمه وأضافه إلى طعم الأفسنتين، تبين له ذلك لأنه يجد مقدار القبض في الأفسنتين مقدارا ليس باليسير. ويجده في القيصوم يسيرا لا مقدار له لأنه مخفى عن الحس جدا، حتى أن الطباع لا تشعر به لان المرارة والحدة قد غلبت عليه وأخفت غيرها من الطعوم. ولذلك صار إضراره بالمعدة كإضرار الشيح بها. ومما يدل على قوة حرارته أنك لو أخذت قلوبه وزهره وورقه، فجردتها من قضبانها وسحقتها ثم نثرتها على جراحة طرية نقية من الوسخ، لوجدتها ساعة أن تباشر الجراحة تلذعها وتهيجها وتهيجها يدل (6) على منافرة الطباع لها، لقوة فعلها وصعوبته.
ومما يدل أيضا (7) أن الانسان إذا سحق منه شيئا وأنقعه في زيت وصب ذلك الزيت على الرأس أو على المعدة، لوجده يسخن إسخانا قويا. وإذا مسح ذلك الزيت على بدن أصحاب النافض العارض في