المستخرج من الزيتون الأسود النضيج في إسخانه وتحليله، وخرج من حد ما يغتذى به ودخل في حد الدواء. ومن منافع الزيت العتيق على سبيل الدواء أنه إذا اكتحل به، أحد البصر. فمن لم يحضره زيت عتيق واحتاج إلى ما يقوم مقامه من الزيت، فليأخذ من أجود زيت يقدر عليه ويصيره في إناء ويطبخه حتى يصير على مثال العسل. فإنه إذا صار كذلك صارت قوته قوة الزيت العتيق. ومن أراد أن يبيض الزيت، فليأخذ مائة رطل من زيت حديث مائل إلى البياض لم يمض عليه أكثر من حول (1) وأحد وأقل من ذلك، ويصيره (2) في إناء خزف جديد واسع الفم ويجعله في الشمس ويضربه بيده ضربا جيدا ويرفع ضربه إلى أعلى الزيت لتقوى حركته وتشتد حميته ويعله (3) ويرغو. فإذا كان في اليوم الثاني (4)، فيأخذ من الحلبة المنقاة ثلاثة وخمسين درهما وينقعها في ماء حار يلين. فإن لانت يلقها على الزيت قبل أن يفنى ماؤها، ويلق فيه مع ذلك من أدسم ما يكون من خشب التنوب (5) المقطع قطعا صغارا مثل ورق الحلبة، وزعم ديسقوريدوس عن هذا الخشب أنه ضرب من الصنوبر، ثم يضرب الزيت في كل يوم نصف النهار ضربا جيدا ويديم ذلك سبعة أيام. وإذا رأيته في اليوم الثامن قد استحكم نضجه واستفاد بياضا وراق وصفا، فاغرفه بصدفة رويدا رويدا وصيره في إناء جديد قد غسل، وفرش فيه من إكليل الملك والسوسن الاسمانجوني (6) من كل واحد اثني عشر أوقية - وفى نسخة أخرى اثني عشر درهما - ويشد رأسه ويرفع، وإن لم يستحكم نضجه ويستفيد بياضا في هذه المدة، فدعه في الشمس وأدمن ضربه حتى يستحكم نضجه ويصدق بياضه.
ولديسقوريدوس فيه قول قال فيه: إن جميع أنواع الزيت مسخنة ملينة للبشرة، باسطة (7) الأعضاء للحركة، مانعة للعرق من الخروج من مسام البدن إذا مسح بها الجلد، دافعة للبرد من الوصول إلى الأبدان بسرعة، مضعفة لقوة الأدوية القتالة بلزوجتها، ومعينة على تليين البطن. وإذا شرب من الزيت تسع أواق مع مثله ماء الشعير أو ماء حار، أسهل البطن. وإذا طبخ بشراب وشرب منه تسع أواق وهو حار، نفع من المغص العارض من الفضول الغليظة وأخرج الدود وحب القرع من البطن. وإذا احتقن به، نفع من القولنج العارض من (8) ورم المعاء من السدة المتولدة عن الرجيع اليابس.
* * *