وغيره من الحلاوة، وليس ذلك بالمحمود ولا بالطائل (1)، لان ذلك يعينه على توليد السدد والغلظ في الكبد والطحال. فإن كان قد تقدم فيهما جشأ (2)، كان ذلك زائدا فيه. وقد يفعل مثل ذلك أيضا إذا خلط معه..
(3).
وأما ما يتخذ من العدس بالسلق، فيلحقه الاعتدال من وجه آخر، لأنه يتولد بينهما قوة تعين على إطلاق البطن لان الغذاء المتولد منهما مركب من قوتين: من ملوحة السلق، وقبوضة العدس. فهما مركبان أسرع من العدس انهضاما وانحدارا، وإن كانا أقل من السلق، مفردا، انحدارا. إلا أن استعمال العدس مع الشعير أفضل كثيرا، للفضل الذي لغذاء الشعير على غذاء السلق، لان فضل الشعير مع العدس هو توليد الدم المحمود والغذاء الفاضل وتليين صلابة العدس وقحله. وفضل السلق مع العدس إنما هو معونته على تليين البطن فقط. وأما الغذاء المتولد بينهما، فليس بالمحمود لأنه يقرب من المرة السوداء.
فإن عارضنا معترض بقشر العدس، وقال: فإذا كانت (4) فضيلة السلق مع العدس إنما هي (5) لتليين البطن فقط، فلم كانت هذه الفضيلة لقشر العدس مع العدس أيضا؟ لما في قشر العدس من المعونة على إطلاق البطن. قلنا له: إن هذا الكلام يفسد من جهتين: إحداهما: أن قشر العدس له جرم كثيف صلب قحل عسير الانهضام بعيد من الغذاء، لا غذاء له أصلا. ولذلك صار زائدا في غلظ العدس وبعد انهضامه. ولهذه الجهة صار العدس إذا أخذ بقشره، حدث بينهما مصارعة ومجاذبة حتى يعرض من ذلك أمغاص ورياح نافخة مؤلمة مؤذية. وجرم السلق فلطيف ملين جلاء سريع الانهضام والانحدار، يغذو غذاء يقرب من الرطوبة. ولذلك صار العدس معه غير مذموم. والثانية: أن قشر العدس إنما يعين الاطلاق لحدة فيه وحرافة، والسلق يفعل ذلك بإذابة وتلطيف وإزلاق. ولذلك صار أفضل من قشر العدس كثيرا.
وأما ما يتخذ من العدس باللحم المكسود، فمذموم جدا بين الفساد لان اللحم المكسود في نفسه غليظ بطئ الانهضام قليل الرطوبة محرق للدم، بقوة ملوحته، مولد للفضل الحاد السوداوي.
والعدس فقد اكتفى بفساده من غيره، بل هو محتاج إلى ما يلطفه ويفيده ليانة واعتدالا. واللحم المكسود فيفيده رداءة وفسادا (6) لغلظه وعسر انهضامه وإحراقه للدم وإضراره بالمعدة، لاتعابه (7) لها بغلظه وتلذيعه لها بحدته وحرافته. ولذلك صار من أضر شئ يستعمل مع العدس، ولا سيما إذا كان العدس بقشره.