وأما من حيث الدلالة فالظاهر كون إضافة البيع إلى الغرر من باب إضافة الموصوف إلى الصفة والغرر والغرة والغرور أسام ثلاث إما مصادر أو أسماء للمصدر مشتركة في مادة (غ رر) لكنها تختلف بحسب المعنى فالغرر بمعنى الخطر والغرة بمعنى الغفلة والغرور بمعنى الفريب المعبر عنه بالفارسية (بگول يابگول زدن) ومعنى الغرر غاية حاصلة من معنى الغرة والغرور إذ الخطر ينشأ من الغفلة أو الفريب وهما مبدآن له فبين المعاني الثلاثة جامع مفهومي لكنه يؤخذ تارة من حيث الغاية والنهاية فيطلق عليه لفظ الغرر وأخرى من حيث إنه بداية ويطلق عليه الغرة أو الغرور.
ولا يخفى أن الخطر الناشي عن الغفلة أو الغرور لا يكون إلا مع الجهل ومع العلم لا يكون ضررا ناشيا عن أحدهما ولو كان ضرر (ح) لا يكون إلا عن الاقدام والضرر المقدم عليه لا يكون غررا فالنهي عن الغرر لا يدل على بطلان البيع الخطري الذي أقدم عليه فلو كان باطلا لكان الدليل على بطلانه أمرا آخر مثل كونه سفاهيا بالنسبة إلى بعض مراتبه ولأجل ما ذكرنا اعتبر في الغرر أن يكون مع الجهل وليس دليل اعتبار الجهل لأجل أخذه في مفهوم الغرر بل لكونه بمعنى الغاية المترتبة على الغفلة أو الغرور المتوقف على الجهل ثم إن المراد من الخطر الناشئ منهما ليس مطلق الضرر ولو كان مثل اضرب ونحوه بل الضرر المعاملي، وذلك لكون الغرر صفة للبيع فالنهي تعلق بالبيع الضرري بمعنى ما كان الضرر ناشيا عن جهة المعاملة فيكون ضررا معامليا وهو إما يكون لأجل الجهل بأصل وجود العوضين أو للجهل بأوصافهما أو للجهل بامكان حصولهما عند المنتقل إليه الذي هو مورد البحث في المقام فالنهي عن البيع الغرري يعم جميع الموارد الثلاثة ودعوى اختصاصه ببعض هذه الموارد كما ادعى اختصاصه بكل من هذه