أساتذة معروفين كالميرزا أبو المعالي الكلباسي والسيد محمد تقي المدرس السيد محمد باقر درجه اي والملا محمد الكاشاني وجهانكير قشقائي وغيرهم.
وفي عام 1319 استدعاه والده إلى مسقط رأسه مرة أخرى وأوفده إلى النجف لاستكمال دراسته فيها. وكان المترجم آنذاك قد بلغ السابعة والعشرين من عمره فانتسب فيها إلى حلقة الآخوند الملا محمد كاظم الخراساني المتوفي سنة 1330 صاحب كفاية الأصول، مدة عشر سنوات، مترددا أيضا على درس شيخ الشريعة الأصفهاني. وأصبح نتيجة اكبابه على طلب العلم وتحقيقه ودقة عمقه في المسائل الفقهية والأصولية من أبرز تلامذة هذين الأستاذين ومن المقربين إليهما وخاصة العلامة الخراساني. ونال المترجم من أستاذيه إجازة الاجتهاد.
وفي خلال فترة حضوره درس أستاذه الخراساني ألف كتابه حاشية كفاية الأصول.
هذا وقد اشترك في درس السيد محمد كاظم اليزدي مؤلف العروة الوثقى أيام اقامته في النجف.
عودته إلى إيران وفي أواخر سنة 1328 عاد إلى بروجرد. وبعد ستة أشهر من وصوله توفي والده فحال ذلك بينه وبين رغبة أستاذه العلامة الخراساني في العودة إلى النجف. وقد أصبح المترجم في بروجرد الرئيس الأعلى للأسرة الطباطبائية والمرجع الأكبر للشؤون الدينية فيها وفي القسم الغربي في إيران.
واستغرقت مدة مكوثه في مسقط رأسه هذه المدة 33 سنة قائما فيها بإدارة مدرسته العلمية الدينية وإماما لبعض المساجد الكبرى ومنها مسجد أجداده العظام في بروجرد وأصبحت لديه حلقة علمية يدرس فيها يوميا أكثر من مائتي طالب، كما أنه استطاع خلال هذه المدة أن يؤلف بعض مصنفاته. وقد تخرج على يده في بروجرد كثير من رجال الفضل والعلم.
واستطاع في هذه الفترة تحشية كتاب العروة الوثقى للسيد محمد كاظم اليزدي وهي أول حاشية للكتاب المذكور.
وفي عام 1344 حج بيت الله الحرام عن طريق العراق وعند عودته من الحج مكث مدة ثمانية أشهر في النجف. وحين رجوعه عام 1345 إلى إيران منعته حكومتها من الذهاب إلى بروجرد واستقدمته من الحدود إلى طهران حيث استبقته فيها مدة 100 يوم متهمة إياه باشتراكه في الحركة القائمة عند ذاك ضد الحكومة من قبل رجال الدين في أصفهان. ثم سمحت له بمغادرة طهران فبارحا إلى مشهد لزيارة ضريح الإمام الرضا ع التي مكث فيها مدة 13 شهرا عاد بعدها إلى بروجرد عن طريق قم التي بقي فيها عدة أشهر أيضا نشر خلالها رسالته العملية التي كانت السبب لانتشار صيته وازدياد مقلديه في كثير من مدن إيران.
وفي أواخر عام 1363 أصيب بداء الفتق مما اضطره إلى الشخوص إلى طهران لاجراء العملية التي أجريت له في مستشفى فيروز آبادي واستغرقت مدة علاجه شهرين في المستشفى المذكور. وفي هذه الفترة توافدت عليه الوفود العلمية والدينية من قم داعية إياه للإقامة في هذه المدينة المقدسة.
أربعة عشر عاما زعامة وفي يوم الخميس 26 صفر سنة 1364 حل المترجم وأسرته وبعض تلامذته وأخصائه في مدينة قم التي استقبلته من عشرات الكيلو مترات، وكان في مقدمة المستقبلين له كبار علماء قم وهم الصدر والخونساري والفيض وغيرهم.
وبحلول المترجم مدينة قم دب دبيب نهضة علمية دينية فيها وأخذت وفود الطلبة تنهال عليها وابتدأت هذه المدينة تستعيد سالف مجدها العلمي والديني بصورة تدريجية. وفور حلول المترجم فيها بدأ بالقاء محاضراته ودروسه على طلابه في الفقه والأصول فكانت حوزته العلمية في الصباح مقتصرة على تدريس الفقه وفي العصر على تدريس الأصول.
ولكنه ترك محاضرات الأصول بعد سنة وأناط بها غيره من الفحول، وبقي مثابرا على القاء دروسه في الفقه دون انقطاع في كل يوم من الأيام الأخيرة من حياته. كما كان يلقي في ليالي الجمع على بعض خصيصيه دروسا في علم الرجال. وكان يؤم الجماعة في الصلاة في الصحن الكبير.
وفي عام 1365 زار المترجم للمرة الثانية مدينة مشهد الرضا وبقي فيها شهرين.
وبعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني في الكاظمية عام 1365 ووفاة آقا حسين القمي في كربلاء عام 1366 انحصرت الزعامة الدينية في المترجم وأصبحت مدينة قم العاصمة الدينية الأولى للشيعة في العالم وشخصت الابصار إليها من جميع الأصقاع وانتقل مركز الزعامة الدينية من النجف في العراق إلى قم في إيران وزاد عدد طلاب العلوم الدينية فيها خلال مدة وجيزة من ألفي طالب إلى ستة آلاف.
إضافة إلى الحركة العمرانية الواسعة التي دبت في أرجاء هذه المدينة نتيجة للنشاط العلمي والديني الذي زاد من أهميتها ونتيجة لكثرة الوافدين عليها من طلاب العلوم الدينية وزوار المرقد المطهر وأصحاب الحاجات.
الامر الذي أدى طبعا إلى اتساع رقعة البلدة وازدياد سكانها واحياء ما دثر من آثارها وكثرة المطبوعات من صحف ومجلات وكتب علمية ودينية وأدبية فيها.
شخصيته وحياته الخاصة وأسلوبه العلمي كان المترجم بالإضافة إلى زعامته ذا شخصية جذابة موفورة الوقار ذا مهابة عظيمة تملأ العين جلالا كثير الأناة، لا تأخذه في الحق لومة لائم، مؤمنا ايمانا راسخا، صادقا يضرب بصدقه المثل، زاهدا في الحياة، باذلا سخيا، كريما، ورعا متهجدا ليله، خائفا ربه خاشعا له، تاليا لآيات القرآن الكريم أكثر أوقاته، حافظا نصفه لا سيما الآيات الخمسمائة الخاصة بالأحكام، لا تفوته صلاة الليل رغم كثرة أعماله في النهار، متواضعا، عزيز النفس، كثير الشفقة، غيورا على مصالح الاسلام والمسلمين، ضليعا بأنساب العلويين من حسنيين وحسينيين وموسويين حافظا للكثير منها، كثير المطالعة والدراسة.