فتخطفني الطير أيسر علي أن تشوكك شوكة أو أقطع من رأسك شعرة فابعث الليلة إلي نفرا من أصحابك ولو عشرة يبيتون عسكري حتى انهزم واعتل بالبيات فوجه حسين عشرة من أصحابه فلما دنوا من عسكره صاحوا وكبروا في نواحي عسكره فطلب دليلا يأخذ به على غير الطريق فوجده فمضى به حتى انتهى إلى مكة فصار مع بني العباس واعتل عليهم بالبيات فغضب عليه الهادي وأخذ ماله وجعله سائس الدواب.
قال ابن الأثير وأقام الحسين وأصحابه أياما يتجهزون فكان مقامهم بالمدينة أحد عشر يوما ثم خرجوا إلى مكة لست بقين من ذي القعدة فعاد الناس إلى المسجد. ونقل ابن الأثير هنا ما لا يمكن وقوعه من أن أهل المدينة وجدوهم قد أحدثوا في المسجد فغسلوه فان الحسين مع ما عرف من دينه لم يكن يدعهم ان يفعلوا ذلك لو أرادوه ولكن أهل المدينة لم تكن سيرتهم مع أهل البيت ع بمستحبة. قال ابن الأثير: وبلغ خبرهم إلى الهادي وكان جماعة من أهل بيته قد حجوا في تلك السنة منهم سليمان بن المنصور ومحمد بن سليمان بن علي والعباس بن محمد بن علي وموسى وإسماعيل ابنا عيسى بن موسى فولى الهادي محمد بن سليمان على الحرب وعسكروا بذي طوى قال المسعودي وكانوا أربعة آلاف فارس وروى بسنده ان موسى بن عيسى دعا جمالا فجاءه بمائة جمل ذكر فختم أعناقها وقال لا أفقد منها وبرة الا ضربت عنقك ثم تهيا للمسير إلى حسين فسار حتى أن بستان بني عامر فنزل وأرسل من ينظر له عسكر حسين فرجع الرسول له وقال ما رأيت خللا ولا فللا ولا رأيت الا مصليا أو مبتهلا أو ناظرا في مصحف أو معدا السلاح فقال هم والله أكرم خلق الله وأحق بما في أيدينا منا ولكن الملك عقيم ثم سار إليهم قال ولقيته الجيوش بفخ فامر موسى بن عيسى بالتعبئة فصار محمد بن سليمان في الميمنة وموسى في الميسرة وسليمان بن المنصور والعباس بن محمد في القلب فالتقوا في يوم التروية وقت صلاة الصبح وكان أول من بدأهم موسى فحملوا عليه فاستطرد لهم شيئا حتى انحدروا في الوادي وحمل عليهم ابن سليمان من خلفهم فقتل أكثر أصحاب الحسين وجعلت المسودة تصيح يا حسين: لك الأمان، فيقول الأمان أريد؟ ما أريد الأمان، ويحمل عليهم يحيى وكان حماد التركي ممن حضر وقعة فخ فقال أروني حسينا فاروه إياه فرماه بسهم فقتله فوهب له محمد بن سليمان مائة ألف درهم ومائة ثوب وقال ابن الأثير اقتتلوا يوم التروية فانهزم أصحاب الحسين وقتل منهم وجرح وانصرف محمد بن سليمان ومن معه إلى مكة ولا يعلمون ما حال الحسين فلحقهم خراساني يقول البشرى البشرى هذا رأس الحسين فأخرجه وبجبهته ضربة طولى وعلى قفاه أخرى وقال المسعودي: قتل الحسين وأكثر من كان معه وأقاموا ثلاثة أيام لم يواروا حتى أكلتهم السباع والطير قال أبو الفرج وأصاب الحسن بن محمد وهو الذي تأخر عن العرض كما مر نشابة في عينه فتركها فيها وجعل يقاتل أشد القتال فناداه محمد بن سليمان يا ابن خال اتق الله في نفسك لك الأمان فقال والله ما لكم أمان ولكن أقبل منكم ثم كسر سيفا هنديا كان في يده ودخل إليهم فصاح العباس بابنه عبد الله قتلك الله ان لم تقتله فقال له موسى بن عيسى أي والله عاجلوه فحمل عليه عبد الله فطعنه وضرب العباس وقيل موسى بن عيسى عنقه بيده صبرا ونشب الخصام بين العباس ابن محمد ومحمد بن سليمان وقال آمنت ابن خالي فقتلتموه فقالوا نحن نعطيك رجلا من العشيرة تقتله مكانه وانتهت مهزلة نكث الأمان بهذا الجواب الفارع وقال ابن الأثير: كانوا قد نادوا بالأمان فجاء الحسن ابن محمد بن عبد الله فوقف خلف محمد بن سليمان والعباس بن محمد فأخذه موسى بن عيسى وعبد الله بن العباس بن محمد فقتلاه فغضب محمد بن سليمان غضبا شديدا ولكن غضبه هذا الشديد لم يكن له اثر) وغضب الهادي على موسى بن عيسى في قتل الحسن بن محمد وقبض أمواله وكان يحيى الأقطع والد الفراء النحوي قد قطعت يده في الحرب مع الحسين صاحب فخ قال ابن الأثير واخذت رؤوس القتلى فكانت مائة رأس ونيفا وفيها رأس الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي واختلط المنهزمون بالحاج وأفلت من المنهزمين إدريس بن عبد الله بن الحسن فاتى مصر وخرج منها إلى ارض المغرب فأسس هناك دولة الأدارسة اه.
وقال أبو الفرج وجاء الجند بالرؤوس إلى موسى والعباس وعندهما جماعة من ولد الحسن والحسين فلم يسأل موسى أحدا منهم الا موسى بن جعفر إلى آخر ما مر. قال المسعودي: وكان معه سليمان ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن علي فأسر في هذا اليوم وضربت رقبته بمكة صبرا وقتل معه عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم أبي الحسن ابن علي وأخذ لعبد الله بن الحسن بن علي وللحسين بن علي الأمان فحبسا عند جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك وقتلا بعد ذلك قال أبو الفرج: قالوا: ولما بلغ العمري وهو بالمدينة قتل حسين بن علي صاحب فخ عمد إلى داره ودور أهله فحرقها وقبض أموالهم ونحلهم فجعلها في الصوافي المقبوضة وهكذا يكون سوء الغلبة وحملت الرؤوس والأسرى إلى الهادي ببغداد قال ابن الأثير فلما وضع رأس الحسين بين يديه قال كأنكم جئتم برأس طاغوت من الطواغيت أن أقل ما أجزيكم أن أحرمكم جوائزكم فلم يعطهم شيئا وقال المسعودي: غضب الهادي على موسى بن عيسى لقتل الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن وترك المصير به إليه ليحكم فيه بما يرى وقبض أموال موسى وقال ابن الأثير غضب الهادي على موسى بن عيسى في قتل الحسين بن محمد وقبض أمواله قال المسعودي وأظهر الذين أتوا بالرأس الاستبشار فبكى الهادي وزجرهم وقال أتيتموني مستبشرين كأنكم أتيتموني برأس رجل من الترك أو الديلم أنه رجل من عترة رسول الله ص الا أن أقل جزائكم عندي أن لا أثيبكم شيئا قال ابن الأثير واتي الهادي بستة أسرى فقتل بعضهم واستبقى بعضهم وقال أبو الفرج حملت الاسرى إلى موسى الهادي وفيهم العذافر الصيرفي وعلي بن سابق القلانسي ورجل من ولد حاجب بن زرارة فامر بهم فضربت أعناقهم وبين يديه رجل آخر من الاسرى واقف فقال له من أنت قال أنا مولاك يا أمير المؤمنين فقال مولاي يخرج علي ومع موسى الهادي سكين فقال والله لأقطعنك بهذه السكين مفصلا مفصلا وغلبت عليه العلة فمكث ساعة طويلة ثم مات وسلم الرجل من القتل وروى بسنده أنه لما قتل أصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة وأمر الناس بالرفيعة على آل أبي طالب أي بذكر قصص تشينهم أو إقامة دعاوى عليهم كأنه لم يكف في عقابهم قتلهم وبقاؤهم ثلاثا بلا دفن حتى أكلتهم السباع والطير وقتل أسراهم وحرق دورهم وسلب عقارهم حتى يؤمر بالرفيعة عليهم فجعل الناس يرفعون عليهم حتى لم يبق أحد فقال أ بقي أحد قيل له بقي موسى بن عبد الله كأنه موسى الجون بن عبد الله المحض وأقبل موسى بن عبد الله على أثر ذلك وعليه مدرعة وازار غليظ وفي رجليه نعلان من جلود الإبل وهو أشعث أغبر حتى قعد مع الناس ولم يسلم عليه أي على موسى بن عيسى، والى جنبه أي إلى جنب موسى بن عيسى