وفيها أمر السلطان سنجر بإعادة مجاهد الدين بهروز إلى شحنكية بغداد وكان بها نائب دبيس بن صدقة فعزل عنها.
وفيها تأخر الحج فاستغاث الناس وأرادوا كسر المنبر بجامع القصر فأرسل الخليفة إلى دبيس بن صدقة ليساعد الأمير نظر على تسيير الحجاج فأجاب إلى ذلك.
وفيها أرسل دبيس بن صدقة القاضي أبا جعفر الواحد بن أحمد الثقفي قاضي الكوفة إلى ايلغازي بن أرتق بماردين يخطب ابنته فزوجها منه ايلغازي وحملها الثقفي معه إلى الحلة.
وفي حوادث سنة 514 كان المصاف بين السلطان محمود وأخيه الملك مسعود وسببه ان دبيس بن صدقة كان يكاتب جيوش بك اتابك مسعود يحثه على طلب السلطنة للملك مسعود ويعده المساعدة ليختلفوا فينال من الجاه والمنزلة ما ناله أبوه باختلاف بركيارق ومحمد ابني ملكشاه كما يأتي في ترجمته وكان البرسقي قد فارق شحنكية بغداد وبينه وبين دبيس عداوة محكمة فكاتب دبيس جيوش بك يشير عليه بقبض البرسقي وينسبه للميل إلى السلطان محمود وبذل له مالا كثيرا عن قبضه فعلم البرسقي ذلك ففارقهم إلى السلطان محمود فأكرمه واتصل الأستاذ أبو إسماعيل الحسين بن علي الأصبهاني الطغرائي صاحب لامية العجم ومرت ترجمته بالملك مسعود وكان ولده محمد يكتب الطغراء للملك مسعود فلما وصل والده استوزره مسعود فحسن ما كان دبيس يكاتب به من مخالفة السلطان محمود فبلغ الخبر السلطان محمودا فكتب إليهم يخوفهم ان خالفوه ويعدهم الاحسان ان بقوا على طاعته فلم يصغوا إلى قوله فوقع الحرب بينهم وانتهى بانكسار عسكر مسعود واسر فيمن أسر الأستاذ أبو إسماعيل وزير مسعود فامر السلطان بقتله وقال قد ثبت عندي فساد دينه واعتقاده. قال ابن الأثير وكان حسن الكتابة والشعر يميل إلى صنعة الكيمياء وله فيها تصانيف قد ضيعت من الناس أموالا لا تحصى. ووصل بعض الامراء إلى مسعود وأشار عليه بمكاتبة دبيس بن صدقة ليجتمع به ويكثر جمعه ويعاود طلب السلطنة. واما دبيس فإنه كان بالعراق فلما بلغه خبر انهزام الملك مسعود نهب البلاد فأرسل إليه الخليفة المسترشد ينكر عليه ويأمره بالكف فلم يفعل فأرسل إليه السلطان وطيب قلبه وأمره بمنع أصحابه عن الفساد فلم يقبل وسار بنفسه إلى بغداد وضرب سرادقه بإزاء دار الخلافة وأظهر الضغائن التي في نفسه وكيف طيف برأس أبيه وتهدد الخليفة وقال إنك أرسلت تستدعي السلطان فان أعدتموه وإلا فعلت وصنعت فأجيب أن عود السلطان وقد سار عن همدان غير ممكن ولكنا نصلح حالك معه فكف على أن تسير الرسل في الاتفاق بينه وبين السلطان وعاد عن بغداد ووصل إليها السلطان فأرسل دبيس زوجته ابنة عميد الدولة بن جهير إليه ومعها مال كثير وهدية نفيسة وسال الصفح عنه فأجيب إلى ذلك على قاعدة امتنع منها ولزم لجاجه ونهب جشيرا للسلطان فسار السلطان من بغداد إلى قصده بالحلة ومعه ألف سفينة للعبور فلما علم دبيس بذلك أرسل يطلب الأمان فأمنه وكان قصده المغالطة ليتجهز فأرسل نساءه إلى البطيحة وأخذ أمواله وسار عن الحلة ملتجئا إلى ايلغازي ووصل السلطان إلى الحلة فلم يجد أحدا فعاد وأرسل المسترشد خلعا إلى ايلغازي وأمره بابعاد دبيس فاعتذر ووعد به وأقام دبيس عند ايلغازي ثم أرسل أخاه منصورا في جيش من قلعة جعبر إلى العراق فنظر الحلة والكوفة وانحدر إلى البصرة وأرسل إلى برنقش الزكوي يسأله ان يصلح حاله مع السلطان فلم يتم امره فأرسل إلى أخيه دبيس يعرفه ذلك ويدعوه إلى العراق فسار من قلعة جعبر إلى الحلة سنة 515 فدخلها وملكها وأرسل إلى الخليفة والسلطان يعتذر ويعد من نفسه الطاعة فلم يجب إلى ذلك وسيرت إليه العساكر فلما قاربوه فارق الحلة ودخل إلى الازبر وهو نهر سنداد ووصل العسكر إليها وهي فارغة قد أجلى أهلها عنها فترك مقدم العسكر برنقش الزكوي بها خمسمائة فارس وبالكوفة جماعة تحفظ الطريق على دبيس وأرسل عسكر واسط بحفظ طريق البطيحة وعبر عسكر السلطان إلى دبيس فبقي بين الطائفتين نهر يخاض فيه مواضع فتراسل برنقش ودبيس واتفقا على أن يرسل دبيس أخاه منصورا رهينة ويلازم الطاعة ففعل وعاد برنقش بالعسكر إلى بغداد سنة 516 ومعه منصور أخو دبيس وولده رهينة فلم يرض الخليفة بذلك وراسل السلطان محمودا في ابعاد دبيس عن العراق وعزم السلطان على المسير إلى همذان فأعاد الخليفة الشكوى من دبيس وانه يطالب الناس بحقوده منها قتل أبيه وان يولي السلطان البرسقي شحنكية بغداد والعراق ليكون في وجه دبيس ففعل وأمره السلطان بقتال دبيس ان تعرض للبلاد، فلما فارق السلطان العراق تظاهر دبيس بأمور تأثر منها المسترشد فتقدم إلى البرسقي بازعاجه عن الحلة فاحضر البرسقي عساكر الموصل وسار إلى الحلة واقبل دبيس نحوه فاقتتلوا فانهزم عسكر البرسقي وفي جملة العسكر المنهزم نصر بن النفيس بن أحمد بن أبي الجبر والمظفر بن حماد بن أبي الجبر وبينهما عداوة شديدة فالتقيا بساباط عند نهر الملك فقتله الظفر وسار إلى البطيحة متغلبا عليها وكاتب دبيسا وأطاعه وأما دبيس فإنه لم يعرض لنهر الملك ولا لغيره وأرسل إلى الخليفة انه على الطاعة ولولا ذلك لاخذ البرسقي وجميع من معه وسال ان يخرج الناظر إلى القرى التي لخاص الخليفة لقبض دخلها وحمى البلد فاحمد الخليفة فعله ولما سمع السلطان بالوقعة قبض على منصور أخي دبيس وولده ورفعهما إلى قلعة برحين وهي تجاور الكرج ثم إن دبيسا امر جماعة من أصحابه بالمسير إلى اقطاعهم بواسط فمنعهم اتراكها فجهز إليهم عسكرا مع مهلهل بن أبي العسكر وأرسل إلى المظفر بن أبي الجبر بالبطيحة ليتفق مع مهلهل ويساعده واستمد الواسطيون البرسيقي فأمدهم بجيش وعجل مهلهل في عسكر دبيس ولم ينتظر الميعاد بينه وبين المظفر ظنا منه انه ينال وحده منهم ما أراد وينفرد بالفتح واستمد الواسطيون البرسقي فأمدهم بجيش وعجل مهلهل في عسكر دبيس ولم ينتظر الميعاد بينه وبين المظفر ظنا منه أنه ينال وحده منهم ما أراد وينفرد بالفتح فانهزم جيش مهلهل واخذ هو أسيرا وجماعة من أعيان العسكر وقتل ما يزيد على ألف قتيل ولم يقتل من الواسطيين غير رجل واحد ولما سمع المظفر بالهزيمة عاد منحدرا ووجد مع مهلهل تذكرة بخط دبيس يأمر فيها بقبض المظفر ومطالبته بأموال أخذها من البطيحة فأرسلوها إلى المظفر فمال إليهم وربما يكون ذلك تزويرا عن دبيس لا يحاش المظفر منه ولما جرى على أصحاب دبيس من الواسطيين ما ذكر شمر عن ساعده في الشر وبلغه أن السلطان كحل أخاه فجز شعره ولبس السواد ونهب البلاد وأخذ كل ما للخليفة بنهر ملك فأجلى الناس إلى بغداد وسار عسكر واسط إلى النعمانية فأجلوا عنها عسكر دبيس وتقدم الخليفة إلى البرسقي بالتبريز إلى حرب دبيس فبرز.
وفي حوادث سنة 516 قبض الخليفة على وزيره جلال الدين بن صدقة فطلب أن يسير إلى حديثة عانة فخرج عليه في الطريق تركماني يقال له يونس الحرامي فأسره ونهب أصحابه فخاف الوزير ان يعلم به دبيس