أقول لا يبعد ان يكون موته في غياب علي ع بصفين سنة 37 لان الوقعة كانت في تلك السنة ومن قال إن وفاته منصرف علي ع من صفين وانه صلى عليه لعله توهم ذلك من تأبينه له فظن أنه كان حاضرا عند وفاته ومن قال إنه توفي سنة 39 لعله بناه على أنه توفي بعد النهروان أو بني ان وفاته بعد النهروان على أنه توفي سنة 39 والظاهر أنه وقع تصحيف بين 37 و 39 وان الصواب الأول وكذلك الظاهر أن الخلاف في مدة عمره نشأ من التصحيف بين الستين والسبعين لتقارب الحروف في الرسم اما القول بأنه مات بالمدينة سنة 19 فالظاهر أنه اشتباه برجل آخر.
في أسد الغابة الصحيح انه مات سنة 37 وانه لم يشهد صفين فإنه كان مريضا قد طال به المرض فمنعه من شهودها واما الخباب الذي مات سنة 19 فهو مولى عتبة بن غزوان ذكره أبو عمر أيضا وقد ذكر ابن منده وأبو نعيم ان خباب بن الأرت مولى عتبة بن غزوان وليس كذلك انما خباب مولى عتبة بن غزوان رجل آخر يأتي ذكره وهما قد ذكرا فيمن شهد بدرا من بني نوفل بن عبد مناف من حلفائهم عتبة بن غزوان وخباب مولى عتبة ثم قال أبو نعيم عن مولى عتبة انه لم يعقب ولا نعرف له رواية فكفى بهذا دليلا على أنهما اثنان لان ابن الأرت قد أعقب عدة أولاد منهم عبد الله قتله الخوارج أيام علي ع ولابن الأرت رواية عن النبي ص ثم إن بني زهرة غير بني نوفل وقد ذكر ابن إسحاق وغيره من أصحاب السير من شهد بدرا من بني زهرة من حلفائهم خباب بن الأرت وذكروا أيضا من حلفاء بني نوفل خبابا مولى عتبة بن غزوان فظهر ان مولى عتبة غير خباب بن الأرت اه.
أقوال العلماء فيه قال ابن أبي الحديد هو قديم الاسلام قيل إنه كان سادس ستة وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد وهو معدود في المعذبين في الله وهو أول من دفن بظهر الكوفة وذكر الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول ص خباب بن الأرت مقتصرا على ذلك وقال بحر العلوم الطباطبائي في رجاله: خباب بن الأرت التميمي أبو عبد الله أحد السابقين الأولين الذين عذبوا في الدين فصبروا على اذى المشركين روي أن قريشا أوقدت له نارا وسحبوه عليها فما أطفأها الا ودك ظهره وكان اثر النار ظاهرا عليه في جسده، وقال اليافعي في تاريخه وفضائل صهيب وسلمان وأبي ذر وخباب لا يحيط بها كتاب اه.
وذكره محمد بن سعد كاتب الواقدي في الطبقات الكبير في موضعين في البدريين من المهاجرين وفي الكوفيين فقال سمعت من يذكر انه رجل من العرب من بني سعد بن زيد مناة بن تميم وكان أصابه سباء فاشترته أم أنمار فأعتقته ونزل في الكوفة وابتنى بها دارا في جهار سوج خنيس وتوفي بها روى بسنده انه أسلم قبل ان يدخل رسول الله ص دار الأرقم وقبل ان يدعو فيها وكان من المستضعفين الذين يعذبون بمكة ليرجع عن دينه وقال خباب لقد رأيتني يوما أخذوني وأوقدوا لي نارا ثم سلقوني فيها ثم وضع رجل رجله على صدري فما اتقيت الأرض الا بظهري ثم كشف عن ظهره فإذا هو قد برص وروى أيضا ان المقداد بن عمرو وخباب بن الأرت لما هاجرا إلى المدينة نزلا على كلثوم بن الهدم فلم يبرحا منزله حتى توفي قبل أن يخرج رسول الله ص إلى بدر بيسير فتحولا فنزلا على سعد بن عبادة فلم يزالا عنده حتى فتحت بنو قريظة وآخى رسول الله ص بين خباب بن الأرت وجبر بن عتيك وشهد خباب بدرا واحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله ص ولما مرض اكتوى في بطنه سبعا وقال لولا أني سمعت رسول الله ص يقول لا ينبغي لاحد ان يتمنى الموت لتمنيته واتي بكفنه قباطي فبكى ثم قال لكن حمزة عم النبي ص كفن في بردة فإذا مدت على قدميه قلصت عن رأسه وإذا مدت على رأسه قلصت عن قدميه حتى جعل عليه إذخر ولقد رأيتني مع رسول الله ص ما أملك دينارا ولا درهما وان في ناحية بيتي في تابوتي لأربعين ألف واف (1) ولقد خشيت ان تكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا وعاده نفر من أصحاب رسول الله ص فقالوا ابشر يا أبا عبد الله إخوانك تقدم عليهم غدا فبكى وقال عليها (2) من حالي اما انه ليس بي جزع ولكن ذكرتموني أقواما وسميتموهم لي إخوانا وان أولئك مضوا بأجورهم كما هي واني أخاف أن يكون ثواب ما تذكرون من تلك الأعمال ما أوتينا بعدهم اه وروى الحاكم بسنده عن خباب قال لقد خشيت ان يذهب بأجورنا مع رسول الله ص ما أصبنا من الدنيا قال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وفي أسد الغابة بسنده قيل له ان أصحابك اجتمعوا إليك لتحدثهم أو لتأمرهم قال بم آمرهم ولعلي آمرهم بما لست فاعلا. وفي الدرجات الرفيعة كان خباب من فقراء المسلمين وخيارهم كان فاضلا من المهاجرين الأولين وكان في الجاهلية قينا يعمل السيوف روي أن الزبير وعثمان تكالما فقال الزبير ان شئت تقاذفنا فقال عثمان أبا لبعر يا أبا عبد الله فقال الزبير بل يضرب خباب وريش المقعد يعني بالسيوف والسهام والمقعد بفتح العين المهملة رجل كان يريش السهام وكان مبتلى في جثمانه مرض لا يزايله اه وفي شرح النهج هو معدود في المعذبين في الله سأله عمر بن الخطاب أيام خلافته ما لقيت من أهل مكة فقال انظر إلى ظهري فنظر فقال ما رأيت كاليوم ظهرا فقال خباب أوقدوا لي نارا وسحبت عليها فما أطفاها الا ودك ظهري وجاء خباب إلى عمر فجعل يقول أدنه أدنه ثم قال ما أحد أحق بهذا المجلس منك الا ان يكون عمار بن ياسر وابنه عبد الله بن خباب هو الذي قتله الخوارج فاحتج أمير المؤمنين ع وطالبهم بدمه اه.
وفي الاستيعاب كان قينا حدادا يعمل السيوف في الجاهلية وكان فاضلا من المهاجرين الأولين شهد بدرا وما بعدها من المشاهد مع النبي ص وكان قديم الاسلام ممن عذب في الله وصبر على دينه وكان رسول الله ص قد آخى بينه وبين تميم مولى خراش بن الصمة وقيل بل آخى بينه وبين جبر بن عتيك والأول أصح نزل الكوفة ومات بها سئل عما لقي من المشركين فقال انظر إلى ظهري أوقدت لي نار وسحبت عليها فما أطفأها الا ودك ظهري الودك الشحم وعده في الاستيعاب ممن فضل عليا على غيره وفي أسد الغابة هو من السابقين الأولين إلى الاسلام وممن عذب في الله كان سادس ستة في الاسلام ألبسوه الدرع الحديد وصهروه في الشمس فبلغ منه الجهد ما شاء ان يبلغ من حر الحديد والشمس قال الشعبي ان خبابا صبر ولم يعط الكفار ما سألوه فجعلوا يلصقون ظهره بالرضف حتى ذهب لحم متنه ونزل الكوفة ومات بها.
وفي الإصابة كان من السابقين الأولين روى البارودي انه أسلم سادس ستة وهو أول من أظهر اسلامه وعذب عذابا شديدا لأجل ذلك ثم شهد المشاهد كلها وكان يعمل السيوف في الجاهلية ثبت ذلك في الصحيحين وثبت فيهما أيضا انه تمول وانه مرض مرضا شديدا حتى كاد ان