فعل فعلته. وروى أيضا بسنده قال كان خالد بن سعيد بن العاص باليمن زمن النبي ص وتوفي النبي ص وهو بها وقدم بعد وفاته بشهر وعليه جبة ديباج فلقي عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب فصاح عمر بمن يليه مزقوا عليه جبته أيلبس الحرير وهو في رحالنا في السلم فمزقوا جبته فقال خالد يا أبا حسن يا بني عبد مناف أغلبتم عليها. فقال علي ع أمغالبة ترى أم خلافة؟ قال لا يغالب على هذا الامر أولى منكم يا بني عبد مناف.
وقال عمر لخالد فض الله فاك والله لا يزال كاذب يخوض فيما قلت ثم لا يضر الا نفسه فأبلغ عمر أبا بكر مقالته فلما عقد أبو بكر الألوية لقتال أهل الردة عقد له فيمن عقد فنهاه عنه عمر وقال إنه لمخذول وانه لضعيف التروئة ولقد كذب كذبة لا يفارق الأرض مدل بها وخائض فيها فلا تستنصر به فلم يحتمل أبو بكر عليه وجعله رداء بتيماء بين الشام ووادي القرى أطاع عمر في بعض امره وعصاه في بعض ففصل حتى انزل بتيماء وقد امره أبو بكر ان لا يبرحها فاما ان يبقى بعيدا بتيماء أو يقتل فتؤمن غائلته على الحالتين وان يدعو من حوله بالانضمام إليه وان لا يقبل الا من لم يرتد ولا يقاتل الا من قاتله فاجتمع إليه جموع كثيرة وبلغ الروم عظم ذلك العسكر فضربوا على العرب الضاحية البعوث بالشام من بهراء وكلب وسليح وتنوخ ولخم وجذام وغسان فكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بذلك فكتب إليه أبو بكر أقدم ولا تحجم واستنصر الله فسار إليهم خالد فلما دنا منهم تفرقوا فنزل منزلهم ودخل عامة من كان تجمع له في الاسلام وكتب خالد إلى أبي بكر في ذلك فكتب إليه أبو بكر أقدم ولا تقتحمن حتى لا تؤتى من خلفك فسار فيمن كان خرج معه من تيماء وفيمن لحق به فسار إليه بطريق من بطارقة الروم يدعى باهان فهزمه وقتل من جنده فكتب خالد إلى أبي بكر يستمده وكان قد قدم على أبي بكر أوائل مستنفري اليمن ومن بين مكة واليمن وفيهم ذو الكلاع وقدم عليه عكرمة بن أبي جهل قافلا وغازيا فيمن كان معه من تهامة وعمان والبحرين والسرو فقدموا على خالد بن سعيد وأرسل أبو بكر عمرو بن العاص وأمره على فلسطين وأرسل الوليد بن عقبة وأمره بالأردن ودعا يزيد بن أبي سفيان فأمره على جند عظيم وأمر أبا عبيدة بن الجراح على حمص. ولما قدم الوليد على خالد بن سعيد فسانده وقدمت جيوش المسلمين الذين كان أبو بكر أمده بهم مع عكرمة وبلغه عن الامراء وتوجههم إليه اقتحم على الروم طلب الخطوة وأعرى ظهره وبادر الامراء بقتال الروم واستطرد له باهان واقتحم خالد في الجيش ومعه ذو الكلاع وعكرمة والوليد حتى نزل مرج الصفر فاجتمعت عليه مسالح باهان واخذوا عليه الطرق وزحف إليه باهان فوجد ابنه سعيد بن خالد يستمطر (1) في الناس فقتله ومن معه واتى الخبر خالدا فهرب في جريدة فأفلت من أفلت من أصحابه على ظهور الخيل والإبل وقد أجهضوا عن عسكرهم فوصل في هزيمته إلى ذي المروة بقرب المدينة وأقام عكرمة في الناس ردءا لهم فرد عنهم باهان وجنوده ان يطلبوه وأقام قريبا من الشام. وقدم شرحبيل بن حسنة وافدا من عند خالد بن الوليد فاستعمله أبو بكر على عمل الوليد بن عقبة فاتى شرحبيل على خالد بن سعيد ففصل عنه جماعة من أصحابه وأرسل أبو بكر معاوية بن أبي سفيان وأمره باللحاق بأخيه يزيد فلما مر بخالد بن سعيد فصل ببقية أصحابه وكتب أبو بكر إلى خالد بن سعيد لما قدم ذا المروة أن أقم مكانك ثم أذن له بدخول المدينة فدخلها اه. هكذا ذكر المؤرخون هذه القصة وفيها ما يستدعي التأمل من وجوه أولا خبر تمزيق الجبة ينافيه ما رواه ابن سعد في الطبقات عن عبد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن أشياخه ان خالد بن سعيد بن العاص وهو من المهاجرين قتل رجلا من المشركين ثم لبس سلبه ديباجا أو حريرا فنظر الناس إليه وهو مع عمر فقال عمر ما تنظرون من شاء فليعمل مثل عمل خالد ثم يلبس لباس خالد. فان هذا كان من خالد في السلم لا في الحرب والا لم ينظر الناس إليه نظر انكار لأنه كان من المعلوم جواز لبس الحرير في الحرب ولذلك قال عمر في الرواية الأولى أيلبس الحرير وهو في رحالنا في السلم وإذا كان لبس الحرير في الرواية الثانية من خالد في السلم فسبق قتله المشرك لا يسوع له لبس الحرير ثانيا إذا كان أمر بتمزيق جبته لأنها حرير والحرير لا يجوز لبسه في السلم فما معنى قول خالد يا أبا حسن يا بني عبد مناف أغلبتم عليها فهذا ليس جوابا لتمزيق الجبة بل كان عليه ان يسكت أو يجيب بحجة مقبولة وكيف يقره على هذا الجواب ثالثا ما حكي في هذه القصة عن علي انه قال أمغالبة ترى أم خلافة ما نراه الا ملحقا الحاقا وإذا كان علي قال له ذلك فكيف يقول له لا يغالب على هذا الأمر أولى منكم اي أنتم أولى من يغالب عليه فإنه يدل على أنه مغالبة وقد قال له علي انه خلافة لا مغالبة رابعا إذا كان هؤلاء الثلاثة ذو الكلاع وعكرمة والوليد مع خالد بن سعيد فأين ذهبوا حين اجتمعت عليه مسالح باهان وهزمته وقتل باهان ابنه سعيدا ولماذا لم ينصروه ولماذا لم يصبهم ما أصابه فان قلنا انهم كانوا بعيدين عنه فالطبري يقول إنهم كانوا معه يلوح لنا انهم قصدوا خذلانه وهلاكه فالوليد بن عقبة عدو علي الألد لم يكن لينصر وليه كذلك ذو الكلاع عضد معاوية الأيمن بصفين وقد لا يكون أقل منهما عكرمة. خامسا كلام الطبري يدل على أن أبا بكر امره مرتين وعقد له لوائين مرة في قتال الروم ومرة في قتال أهل الردة وان عمر عارضه في المرتين ومنعه من توليته فاطاعه في المرة الأولى وعزله وولى مكانه يزيد بن أبي سفيان وأطاعه في المرة الثانية في بعض أمره فلم يوله قتال أهل الردة وعصاه في البعض وهو عدم الاستنصار به أصلا فجعله ردءا بتيماء ولم يعارض في ذلك عمر إذ فيه التخلص منه بابعاد أو قتل. وكلام ابن سعد يدل على أن أبا بكر لم يؤمره الا مرة واحدة على غزو الروم ثم عزله باصرار عمر وانه سار في ذلك الجيش تحت راية شرحبيل بن حسنة فقتل ولم يتعرض لجعله ردءا بتيماء ولا ذكر هذه القصة أصلا فروى بسنده انه لما عزل أبو بكر خالد بن سعيد أوصى به شرحبيل بن حسنة وكان أحد الامراء فقال انظر خالد بن سعيد فاعرف له من الحق عليك مثلما كنت تحب ان يعرفه لك من الحق عليه لو خرج واليا عليك وقد عرفت مكانه من الاسلام وان رسول الله ص توفي وهو له وال وقد كنت وليته ثم رأيت عزله وعسى ان يكون ذلك خيرا له في دينه ما أغبط أحدا بالامارة وقد خيرته في امراء الأجناد فاختارك على غيرك على ابن عمه يعني يزيد بن أبي سفيان ثم أوصاه ان يستشيره بعد أبي عبيدة ومعاذ بن جبل. ثم حكى عن الواقدي انه سال موسى بن محمد عن قول أبي بكر قد اختارك على غيرك فروى له عن أبيه ان خالد بن سعيد لما عزله أبو بكر كتب إليه اي الامراء أحب إليك فقال ابن عمي في قرابته وهذا في ديني فاستحب ان يكون مع شرحبيل بن حسنة اه. وذلك لما يعلمه من عداوة يزيد له وان شرحبيل أخف وطأة عليه منه. سادسا ان الطبري بعد ما ذكر قتله ابنه وانهزامه حتى بلغ ذا المروة بقرب المدينة ثم دخوله المدينة لم يذكر ما جرى له بعد ذلك ولكنه ذكر ارسال أبي بكر يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل وأبا عبيدة وعمرو بن العاص ووصلهم إلى الشام ونزول الروم