مكة فاشتر بدرهم تمرا ثم تصدق به يكون كفارة لما أكلت ولما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم) الذي ذكرنا أنه محمول على الندب، بل وغيره من النصوص، نعم قد استثنى بعض الناس من ذلك سقوط الشعر فاكتفى في وجوب الكفارة فيه بتعمد المس المسقط مع تذكر الاحرام والعلم بالحرمة، قال:
(والأخبار لا تنافيه ولا هي ظاهرة في خلافه) ولكن لا يخفى عليك ما في قوله (تعمد المس المسقط) ضرورة كون ذلك من تعمد الاسقاط، وإن كان تعمد المس الذي قد يتعقبه السقوط فهو ليس من العمد، لكن الظاهر عدم ترتب الكفارة عليه، لما ذكروه هنا على وجه لم يعرف فيه خلاف، فلا بد من حمل النصوص المزبورة على ما هنا أو على ضرب من الندب.
وأما المستثنى فلا خلاف معتد به أجده فيه، بل عن الخلاف والغنية والتذكرة والمنتهى الاجماع على ثبوت الكفارة فيه على الناسي والجاهل، مضافا إلى النصوص (1) التي قد سمعت بعضها، فما عن ابن أبي عقيل من عدم الكفارة في الصيد على الناسي واضح الفساد، وأما المجنون فقد صرح به الشيخ في محكي الخلاف والمصنف والفاضل وغيرهم، لأن عمده وإن كان كالسهو لكن قد عرفت أن السهو هنا كالعمد، وحينئذ فالكفارة في ماله يخرجه بنفسه إن أفاق، وإلا فالولي، نعم لو كان مجنونا أحرم به الولي وهو مجنون فالكفارة على الولي على ما في الغنية وغيرها كالصبي الذي لم يذكره المصنف، ولعله لأن كفارته على الولي لا عليه كما سلف، وقد سمعت ما في مرسل تحف العقول، وفي خبر الريان بن شبيب (2) (والصغير لا كفارة عليه، وهي على الكبير واجبة) كما أنه تقدم سابقا الكلام فيه وفي المجنون، فلاحظ وتأمل، والله العالم.