ضرورة أنه يمكن دعوى الاجماع على خلافه، مضافا إلى ظاهر الكتاب والسنة التي منها ما عرفت، ومنها ما مر في نصوص المباحث السابقة، كقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي (1) في كفارة الأرنب: (شاة هديا بالغ الكعبة) ومنها ما مر (2) في نصوص الارسال فما نتج منها فهو هدي بالغ الكعبة أو هدي لبيت الله الحرام وغير ذلك، فالمتجه حمل المضمر المزبور على ما سمعت بعد قصوره عن المعارضة من وجوه، ولعل المراد بصحيح أبي عبيدة (3) تقويم الجزاء بعد صدق عدم الوجدان لا ذبح الهدي في ذلك المكان، وكذا خبر محمد (4) إنما هو في الثمن لا في الهدي، على أنها قاصرة عن معارضة غيرها من وجوه، فلا يخرج عنه لها، خصوصا بعد ملاحظة فتاوى الأصحاب.
وعلى كل حال فمما ذكرنا يظهر لك النظر فيما في المدارك تبعا للمحكي عن شيخه، فإن بعد أن ذكر ما سمعت وذكر صحيح ابن سنان وخبر زرارة قال: وهذه الروايات كما ترى مختصة بفداء الصيد، أما غيره فلم أقف على نص يقتضي تعين ذبحه في هذين الموضعين، فلو قيل بجواز ذبحه حيث كان لم يكن بعيدا، للأصل وما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد (5) عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام (من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء إلا فداء الصيد، فإن الله تعالى يقول: هديا بالغ الكعبة) إذ قد عرفت أن النصوص والفتاوى على خلاف ذلك بالنسبة إلى فداء الحج صيدا وغيره، فلا يخرج عنها