بعد ملاحظة التعليل في الخبر بأن إحدى القيم للاحرام الذي قد سمعت إيجابه في الحمام أو في مطلق الطير الدم، إلا أنه بعد منع دعوى انصراف خصوص الحمام وجب إرادة الجزاء منها الشامل للدم والقيمة، وحينئذ فالدم في عبارة من سمعت مثال، ولا استبعاد في إرادة الجزاء من القيمة، بل ربما ادعى شيوعه في ذلك، وأما قوله عليه السلام فيه (لاستصغاره إياه) فيحتمل عود الضمير فيه للحرم من حيث الاستخفاف بجاره وللطير، وحينئذ فينسحب فيما إذا فعله في الحل، وعن الشهيد في بعض تحقيقاته أن استصغاره يرجع إلى قصده، فإن قصد استصغاره بالحرم لزمه دم وقيمتان إن كان الفعل بالحرم، وإن كان في غير الحرم فعليه القيمة لا غير، وإن قصد الاستصغار بالصيد لزمه مطلقا القيمتان سواء كان في الحل أو الحرم، ولكن لا يخفى عليك ما فيه من الخروج عن النص بغير دليل، إذ من الجائز أن تكون العلة استصغار الطير في الحرم، فلا يتعدى الحكم إلى غير محل الفرض، بل لعل قوله (وإن قصد الاستصغار بالصيد) إلى آخره إحداث قول ثالث خارج عن مدلول النص وفتوى الأصحاب، على أنه لم يذكر حكم عدم قصد شئ من الأمرين، مع أنه أشكل الأقسام، بل لعله الظاهر من النص، فإن القصد غير محرز عنه، والاستصغار يمكن أن يكون نشأ من الفعل لزوما وإن لم يقصده، بل لعل الأقوى اختصاص الحكم بموضع اليقين، وهو قتل الصيد بالضرب في الأرض في الحرم سواء قصد الاستصغار أم لم يقصد، ورجوع ما عداه إلى الأحكام المقررة ثم إن ظاهر النص والفتوى القتل بالضرب، وربما احتمل أنه ضربه ثم قتله بذبح أو غيره، ولكنه كما ترى، نعم ربما كان مقتضى التعليل المزبور وجوب الكفارة أيضا في غير هذا الفرد من الاستصغار إلا أنه لا جابر له بالنسبة إلى ذلك، ومن هنا يتجه الجمود على ما فيه من خصوص الطير وخصوص هذا الفرد من
(٢٧١)