منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٦٤٠
على طبقها قبل تحققها، وهذا هو التصويب الذي يقال انه قام الاجماع والأخبار المتواترة على خلافه.
والفرق بين هذين القسمين - بعد اشتراكهما في ترتب الاحكام الواقعية على تلك الآراء بالطبع والعلية، إذ المفروض تبعية جعل الاحكام لتلك الآراء في القسم الثاني أيضا وان كان جعلها قبل الآراء زمانا، لكنها متأخرة عنها طبعا - هو: أن جعل الاحكام مترتبة على الآراء يكون في هذا القسم على نحو القضية الحقيقية، وفي القسم الأول على نحو القضية الخارجية، حيث إن الحكم فيه ينشأ بعد أداء رأي المجتهد إليه، فتوقف الحكم على العلم أو الظن به هناك من قبيل توقف المشروط على شرطه، وتوقفه عليهما هنا من قبيل توقف العارض على معروضه.
ثالثها: أن يكون للأحكام ثبوت واقعي من دون توقفها على علم أو ظن أصلا، لكن فعليتها منوطة بقيام الطرق عليها، وهو يتصور على وجهين:
أحدهما: أن تصرف تلك الأحكام إلى مؤديات الطرق بحيث لو قام طريق على خلافها لسقطت عن الفعلية، فالفرق بينه وبين القسم الثاني أن الحكم هناك لم يجعل على خلاف مؤدى الطريق، بخلافه هنا، إذ الحكم فيه جعل على خلافه لكنه بقيام الطريق على خلافه سقط من أصله، لكون مؤدى الطريق ذا مصلحة غالبة على مصلحة الحكم الواقعي، وسقوط المصلحة المغلوبة يقتضي سقوط مقتضاها وهو الحكم الواقعي. فالقسم الثاني تصويب حدوثا، وهذا الوجه تصويب بقاء.