منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٣٩٠
فإحراز الصغرى أصعب من إثبات الكبرى.
أقول: لا يخفى أن ما أفاده - بناء على حجية الاخبار تعبدا وعلى عدم إفادة عمل المشهور برواية ضعيفة الا الظن - متين جدا، حيث إن أدلة الاعتبار لا تشمل الخبر الضعيف الذي عمل به المشهور، إذ المفروض عدم اجتماع شرائط الحجية فيه، والظن الحاصل له بعملهم ليس حجة أيضا، بل نهي عنه. وكذا الخبر الصحيح الواجد لشرائط الحجية، فان إعراض مشهور الأصحاب عنه لا يوجب الا الظن بعدم اعتباره، وهو لا يخرجه عن عموم أدلة حجية الخبر، لعدم اشتراط اعتباره بعدم الظن بخلافه.
وأما بناء على حجية الاخبار ببناء العقلا، بمعنى: أن المعتبر هو الخبر المفيد للاطمئنان والعلم العادي، فلا محيص عن الذهاب إلى الجبر والوهن المزبورين، وذلك لان الخبر الموثوق الصدور - وان لم يكن راويه ثقة - حجة سواء حصل هذا الوثوق من الراوي أو من الخارج كعمل المشهور به أو غيرهما، ومن المعلوم أن العمل بالخبر الضعيف من المشهور الذين هم في الدرجة العليا من العلم وسعة الباع ودقة النظر وكمال التثبت وغاية الورع والتقوي - بل كثير منهم ضعفوا راوي ذلك الخبر في كتبهم الرجالية ولم يعملوا بروايته في سائر الموارد، ومع ذلك عملوا بخبره هذا - يوجب تكوينا الوثوق والاطمئنان بصدور خبره، فان عمل كل واحد من المشهور يوجب الظن بصدوره وتراكم الظنون من الأسباب الموجبة للعلم الوجداني أو العادي، وهذا غير قابل للانكار. واحتمال الغفلة في كل واحد منهم مدفوع بالأصل العقلائي.
واستدلالهم به مع ضعفه اخبار بحجيته، لما ظفروا به من قرينة دالة على اعتباره.